عماد عواد يوثق المأساة الفلسطينية

في «مئوية إعلان بلفور: الرمال المتحركة»

نشر في 20-11-2017
آخر تحديث 20-11-2017 | 00:00
صدر  عن «دار النهضة العربية» في القاهرة  كتاب «مئوية إعلان بلفور: الرمال المتحركة» لمؤلفه الأكاديمي والدبلوماسي المصري الدكتور عماد عواد، وذلك بمناسبة ذكرى مرور 100 عام على إصدار «إعلان بلفور» أو ما اصطلح فلسطينياً وعربياً على وصفه بـ «وعد بلفور»، وهو تلك الرسالة التي وجهها  وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917 إلى زعيم الجالية اليهودية في بريطانيا الثري ليونيل روتشيلد، وتضمنت تعهداً من بريطانيا بإنشاء وطني قومي لليهود على أرض فلسطين. 
تتمثل أهمية هذا الكتاب في مجموعة من العوامل أبرزها: توقيته والطبيعة الموضوعية لتحليله للصراع على الأراضي المقدسة الذي انطلق رسمياً قبل قرن، مع صدور إعلان بلفور؛ في وقت تتعدد فيه الكتابات المؤيدة لمواقف هذا الطرف أو ذاك وتتصاعد فيه التوترات بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبريطانيا التي رفضت حكومتها تقديم اعتذار عن الإعلان أو إلغاء الاحتفالية المخصصة له أو الاعتراف بدولة فلسطين في هذه المناسبة.

لا شك في أن الخبرة العلمية لمؤلف هذا الكتاب «التذكاري» السفير 

أ. د. عماد عواد وتناوله لهذا الصراع في أطروحته للحصول على درجة الدكتوراه وأبحاثه التي مكنته من حمل درجة الاستاذية في جامعة باريس للقانون والعلوم الإنسانية في فرنسا، ومؤلفاته السابقة ومقالاته المتعددة بلغات مختلفة حول الموضوع، فضلا عن تدريسه مشكلات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية في الجامعات،  كل ذلك ساهم في  إضفاء عمق على التحليل، فضلا عن أن خبرته العملية كدبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية مكنته من المتابعة العملية لهذا الملف عن قرب، عندما كان على قمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وتقديم عرض موضوعي بعيد عن الطابع العاطفي، وهو أمر عكسه حرصه على الرجوع المستمر إلى المصادر والوثائق الرئيسة، التي عرض لعدد منها في ملاحق الكتاب، ما جعله بالفعل اصداراً تذكارياً.

كذلك  تشير القائمة الضخمة للمراجع باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية إلى اطلاع الكاتب على الآراء والتعليقات المختلفة وتحليلها لتحقيق أكبر قدر من الحيادية، في ضوء ما يثيره هذا الموضوع من حساسية لدى أطراف الصراع.

أقسام الكتاب

يتمحور القسم الأول حول فكرة الدولة اليهودية بين النظرية- وفقاً لكتابات هيرتزل- والتطبيق من خلال سياسة الاستيطان والتهجير القسري، وفرض الأمر الواقع.

ويتناول  القسم الثاني  مرحلة توسيع دائرة الصراع، من خلال عرض لتواري الدائرة الضيقة للصراع لحساب دائرة أوسع شملت الدول العربية، إضافة إلى فكرة الوطن القومي الفلسطيني (وعد كارتر)، وملف الدعم السوفييتي للموقفين العربي والفلسطيني، والذي جاء في إطار التنافس الأميركي السوفييتي آنذاك. 

وتحت عنوان «العودة إلى القضية الفلسطينية»، يتناول القسم الثالث الإشكاليات المختلفة التي مرت بها هذه العملية سواء في ما يتصل بالتمثيل الفلسطيني، أو الغموض المتعمد، وانتهاء بفشل قمة كامب ديفيد الثانية في إحلال السلام الموعود. أما القسم الرابع فيحلل  كيفية التعامل مع الملف الفلسطيني في إطار الجهود الرامية لمحاربة الإرهاب في ظل إدارتي الرئيس جورج بوش الأبن. 

محطات وتوصيات

يتضمن الفصل الختامي أبرز المحطات خلال فترتي رئاسة باراك أوباما، وما تم رصده من مواقف لإدارة الرئيس دونالد ترامب حتى تاريخ إصدار الكتاب. 

ويورد الكاتب في الخاتمة توصيات نابعة من خبرة بالملف وفهم دقيق لأدوات إدارة الصراع، وفي هذا الصدد أُخضع تلويح الطرف الفلسطيني بمقاضاة بريطانيا لتحليل دقيق، سواء من ناحية الأسانيد التي يرتكز عليها، أو الإشكاليات التي تحيط به، وينتقل بعد ذلك إلى رسم خطوط عريضة لسيناريو تحرك مستقبلي على محاور عدة، من شأنه تحريك الأمور وإحداث قوة ضاغطة باتجاه ترجمة حل الدولتين على أرض الواقع، انطلاقاً من حقيقة مرور مائة عام على الصراع، وما تضمن من معاناة، إضافة إلى ما يمكن أن يسفر عنه الجمود الحالي من توفير بيئة خصبة لعودة التنظيمات الإرهابية لتطل برأسها في المنطقة من نافذة الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.

من شأن مجمل العناصر  المشار إليها جعل هذا الكتاب، ليس إضافة متميزة للمكتبة العربية حول هذا الموضوع المهم والحساس، فحسب، بل مرجع يمكن اللجوء إليه لموازنة المواقف والأطروحات التي يسعى البعض للترويج لها.

مرجع يمكن اللجوء إليه لموازنة المواقف والأطروحات التي يسعى البعض لترويجها
back to top