الربو... علاج بروتيني من ديدان الأمعاء؟

نشر في 18-11-2017
آخر تحديث 18-11-2017 | 00:02
No Image Caption
ربما تؤدي الديدان الأسطوانية، وهي نوع من طفيليات الأمعاء، إلى علاج للربو، إذ اكتشف الباحثون أنها تفرز جزيء بروتين يمنع الأمعاء التي تقطنها من إطلاق ردود فعل الحساسية.

نُشر تقرير عن هذه الدراسة البالغة الأهمية، التي قادتها جامعتَا إدنبرة وغلاسكو في المملكة المتحدة، في مجلة «المناعة» أخيراً.
يصف تقرير جديد الطريقة التي يمنع بها جزيء بروتيني يُدعى «مثبط إطلاق ألارمين H. polygyrus « ردود الفعل الحساسية في الفئران. ويأمل الفريق بأن تقود اكتشافاته هذه إلى علاج للربو، الذي يشكّل حالة موهنة تصيب الملايين حول العالم.

يذكر الدكتور هنري ماكسورلي، باحث بارز في الدراسة من مركز بحوث الالتهاب التابع لمجلس البحوث الطبية في جامعة إدنبرة: «علمنا منذ سنوات أن عدوى الديدان الطفيلية تحمي الناس من الربو على ما يبدو».

يأمل ماكسورلي وزملاؤه بأن يؤدي اكتشافهم خلال السنوات الخمس إلى العشر التالية إلى أدوية جديدة تحد من ردود الفعل المناعية المسببة للربو وأمراض أخرى أو حتى تمنعها بالكامل.

الربو مرض طويل الأمد يسبب التهاب الشعب الهوائية (مجاري الهواء) في الرئتين وتفاعلها بقوة مع بعض المواد. نتيجة لذلك، تشتد العضلات حولها وتؤدي إلى تضيّقها، ما يعوق تدفق الهواء إلى الرئتين.

يؤدي رد الفعل هذا أيضاً إلى تورّم مجاري الهواء، ما يحدّ أكثر من تدفق الهواء. علاوة على ذلك، تزيد الخلايا التي تبطّن مجاري الهواء إنتاج الأخيرة المخاط (سائل زلق دبق يسهم بدوره في سد مجاري الهواء إذا زاد عن حده).

لا علاج شافياً بعد

صحيح أن الربو يبدأ عادةً في مرحلة الطفولة، إلا أن هذا المرض يصيب الإنسان في مختلف الأعمار. ويبلغ عدد مرضى الربو في الولايات المتحدة وحدها 22 مليوناً، بينهم 6 ملايين ولد.

يشمل بعض أعراض الربو ضيق النفس، وضيق الصدر، والسعال، والصفير، وهي تزول أحياناً من تلقاء ذاتها أو مع علاج طفيف. ولكن في حالات أخرى، تتفاقم وتتحوّل إلى نوبات ربو، تتطلب الحادة منها رعاية طبية طارئة لأنها تكون مميتة أحياناً.

يترافق الربو مع حساسية في حالة معظم المرضى لا كلهم، ولا يعرف العلماء سبب ذلك تحديداً. إلا أنهم يعتقدون أنه يعود إلى تركيبة من الجينات والعوامل البيئية.

تشمل الأسباب التي تطلق نوبة ربو مواد تحفّز ردود فعل الحساسية، مثل عث الغبار، وغبار الطلع، ودخان التبغ، وتلوث الهواء. حتى الأسبرين وأدوية أخرى تؤدي أحياناً إلى نوبة ربو، شأنها في ذلك شأن التمارين الرياضية، والهواء البارد، والمشاعر الحادة كالغضب أو الخوف.

ثمة علاجات تساعد مرضى الربو في السيطرة على مرضهم والتمتع بنوعية حياة جيدة، ولكن لا يتوافر علاج شافٍ لهذا المرض اليوم.

ديدان تكبح ردود الفعل المناعية

يلخّص الدكتور ماكسورلي وزملاؤه في تقرير دراستهم البحوث السابقة التي أظهر فيها فريقهم وفرق أخرى أن الديدان الطفيلية تطلق بروتينات تكبح هجمات جهاز مناعة المضيف.

كشف عدد من البحوث السابقة أن المواد التي تنتجها طفيليات معوية تُدعى Heligmosomoides polygyrus وتعيش في الفئران «تكبح ردود فعل الحساسية في نماذج الربو التي تعانيها هذه الفئران».

تعرقل إفرازات هذه الطفيليات عمل إنترلوكين - 33، وهو جزيء في إشارات الخلايا تنتجه كريات الدم البيضاء ويؤدي دوراً مهماً في إطلاق ردود الفعل المناعية في حالة أمراض مثل الربو.

على سبيل المثال، كشفت دراسة نُشرت أخيراً أن إنترلوكين - 33 يشكّل «محفّزاً رئيساً في الحساسية الأرجية في رئتي الطفل المولود حديثاً».

وفي البحث الجديد، تفحّص الفريق مواد تفرزها هذه الطفيليات وحدّد أن بروتين مثبط إطلاق ألارمين H. polygyrus  يعوق إنتاج إنترلوكين - 33 وما ينجم عنه من «حساسية أرجية».

لكنّ الباحثين اكتشفوا من تجارب أجروها على خلايا البشر والفئران على حد سواء أن تأثير مثبط إطلاق ألارمين H. polygyrus  يمتد أيضاً إلى إنترلوكين - 33 البشري، مع أن «انجذاب هذا المثبط إلى إنترلوكين - 33 البشري أدنى، مقارنةً بانجذابه إلى إنترلوكين - 33 في خلايا الفئران».

لا تشير اكتشافات هذه الدراسة إلى احتمال استخدام مثبط إطلاق ألارمين H. polygyrus  كعلاج للربو فحسب، بل إلى إمكان استعماله أيضاً كأداة للتحقق من أدوار إنترلوكين - 33 ، التي بدأ العلماء يكتشفون أنها كثيرة ومتنوعة.

يؤكد الدكتور ماكسورلي: «بتحديدنا هذا البروتين الجديد، اكتشفنا طريقة جديدة لكبح ردود الفعل المناعية التي تسبب الربو، ونأمل في المستقبل بأن نجعله أكثر تطوراً».

back to top