High Light: ليزر اجتماعي

نشر في 18-11-2017
آخر تحديث 18-11-2017 | 00:09
ظاهرة عدم معرفة الجار لجاره أصبحت منتشرة بين صفوف جيل «السوشيال ميديا»، وهذا نتاج ما حملته الثقافة المستوردة وما تضمنته من قيم سلبية تمجد وترسخ مفهوم الانعزالية في النسيج الاجتماعي؛ وبالتالي ساهمت في هضم حقوق الجار التي حث عليها الإسلام، لذا بات مبدأ التكافل الاجتماعي شبه غائب بين جيران اليوم.
 د. حمود حطاب العنزي من بين أهم الوصايا التي أوصى الله تعالى عبادة المؤمنين بها الإحسان للجار، جاء ذلك في مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ فجاء في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اتَّقِ المحارمَ تكن أَعْبدَ الناسِ، وارضَ بما قسم اللهُ لك تكن أغنى الناسِ، وأَحسِنْ إلى جارِك تكن مؤمنًا، وأَحِبَّ للناس ما تحبُّ لنفسك تكن مسلمًا...". وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره"... وربط الإحسان للجار بحسن الإيمان قاعدة شرعية؛ من حافظ عليها يجد نفسه إن شاء الله في الطريق إلى الجنة.

وعن حدود الجيرة ذهب الشافعية إلى حد أربعين جاراً في كل اتجاه، فللجار شأن عظيم في الإسلام، فحق الجار على الجار أن يستأذنه عند بيع أو شراء ما يجاوره إذا كان مشتركا بينهما، كذلك قبول الأعذار والتسامح والتغاضي عن الزلات، والمشاركة في الأتراح والأفراح جميعها أمور واجبة يحبها الله ورسوله.

والإحسان إلى الجار قيمة اجتماعية عظيمة النفع، ولها الأثر العظيم في بناء مجتمع سليم متماسك يسيطر عليه مناخ الألفة والأمان والتواد؛ ونحن في أشد الحاجة لتحقيق مبدأ الإحسان للجار في ظل التغيرات الاجتماعية الدخيلة على مجتمعنا الكويتي، والتحولات السريعة المعاصرة، التي أدت إلى أنماط جديدة أثرت على السلوك الاجتماعي في كثير من الاتجاهات الفكرية، مما أثر على النسق القيمي الفردي والمجتمعي في أن واحد؛ فظاهرة عدم معرفة الجار لجاره أصبحت منتشرة بكثرة بين صفوف جيل "السوشيال ميديا"، وهذا نتاج ما حملته الثقافة المستوردة وما تضمنته من قيم سلبية تمجد وترسخ مفهوم الانعزالية في النسيج الاجتماعي؛ وبالتالي ساهمت في هضم حقوق الجار التي حث عليها الإسلام، فمبدأ التكافل الاجتماعي بات شبه غائب بين جيران اليوم .

ختاماً:

تجسيداً لوصية سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم؛ بحق إكرام الجار وإجلاله والتي أتت في مواضع ومناسبات كثيرة في السيرة النبوية؛ لابد من التوعية بحق الجار بكل الوسائل المتاحة من إعلام ومسجد ووسائل تنشئة اجتماعية ... إلى غير ذلك؛ لأن البعد القيمي في التراحم والتآخي والتسامح الذي يشيع الألفة بين الجيران؛ إذا غاب تأثر الأمن الاجتماعي الذي يعتبر أهم مرتكزات الأمن العام، ما من شأنه الإضرار بالمجتمع الكويتي بأسره.

ونختم بما ورد عن ابن عمر عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "من سعادة المرء الجار الصالح..."، اللهم وفقنا وارزقنا الجار الصالح.

ودمتم بخير.

back to top