لا تزال مبادرة ترامب للسلام في الشرق الأوسط مجمدة

نشر في 16-11-2017
آخر تحديث 16-11-2017 | 00:04
تشير مصادر دبلوماسية إلى أن المستشار البارز في البيت الأبيض غاريد كوشنر قال قبل وقت قصير إنه منشغل في "إنهاء" التفاصيل الأخيرة في مبادرة السلام في الشرق الأوسط، وأكّد أنها ستكون جاهزة في غضون أسابيع، لكن أسابيع عدة مرّت ولا تزال المبادرة قيد الإعداد.
 المونيتور رغم مرور أكثر من سنة على انتصار ترامب الانتخابي لم ينقشع الضباب بعد عن مبادرة السلام في الشرق الأوسط، إذ تشير مصادر دبلوماسية إلى أن المستشار البارز في البيت الأبيض غاريد كوشنر قال قبل وقت قصير إنه منشغل في "إنهاء" التفاصيل الأخيرة في المبادرة قبل إطلاقها، وأكّد أنها ستكون جاهزة في غضون أسابيع، لكن أسابيع عدة مرّت ولا تزال المبادرة قيد الإعداد.

كانت خطة ترامب وفريقه الأولى إطلاق المبادرة في يناير عام 2018 بعد سنة من تولي ترامب الرئاسة، لكن مهلة يناير لا تبدو منطقية، لذلك ينوون تأخير إطلاقها لشهر مارس من العام ذاته.

تشكّل المقاربة التي تبناها كوشنر وجاسون غرينبلات، مبعوثَا ترامب إلى الشرق الأوسط، استمراراً مباشراً لمبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي: خطط السيسي لإطلاق مبادرة سلام إقليمية كبيرة في حال انضم زعيم المعسكر الصهيوني السابق إسحاق هرتزوغ إلى حكومة نتنياهو. ولكن بدلاً من ذلك، كان أفيغدور ليبرمان لا هرتزوغ مَن انضم إلى هذه الحكومة في شهر مايو عام 2016 وتبوأ منصب وزير الدفاع.

اتصل نتنياهو بالسيسي ليعلِمه أنه يقف وراء التزاماته، مع أن هرتزوغ لم ينضم إلى الائتلاف، ولمرةٍ طبّق نتنياهو ما تعهد به، ففي المؤتمر الصحافي الذي عُقد عندما انضم ليبرمان إلى الحكومة، أعاد رئيس الوزراء تأكيد التزامه بحل إقامة دولتين، ثم تفوّه كلا الرجلين بأمر إيجابي عن مبادرة السلام العربي لعام 2002 مع بعض التحفظات بالتأكيد. شكّل هذان الشرطان أول ما كان على إسرائيل الالتزام به قبل استئناف المفاوضات ضمن إطار مبادرة السيسي، أما الشرط الإضافي الذي أخفق نتنياهو في تطبيقه، فكان إحداث تغييرات فعلية على الأرض بهدف تحسين وضع الفلسطينيين، وفي هذه الأثناء انتُخب ترامب وخُلطت الأوراق.

كانت المسألة الوحيدة التي تعوق الصفقة "التغييرات الفعلية على الأرض" التي وعدت بها إسرائيل إلا أنها لم تطبقها.

رفضت الحكومة الإسرائيلية، التي اعتُبرت الأكثر ميلاً إلى اليمين في تاريخ الدولة الإسرائيلية، الموافقة على خطة قلقيلية، وبشأن انتقال الأراضي شمال الضفة الغربية، وعلّق نتنياهو أخيراً تمرير قانون يسمح للإسرائيليين بالعودة إلى المستوطنات التي أُخليت، ما كان ليغلي فعلياً الجزء المتعلق بفض الاشتباك. لكن عرقلة مشروع قانون بغية نقل الأراضي إلى الفلسطينيين ما زالت خطوة بعيدة جداً.

في السادس من نوفمبر استُدعي عباس للقيام بزيارة مفاجئة وملحة إلى الرياض، وتشير مصادر فلسطينية إلى أن عباس، عندما وصل إلى المملكة العربية السعودية، تلقى رسالة كان قد حملها كوشنر إلى الرياض قبل أيام عدة: من المفترض أن تبدأ المبادرة الأميركية قريباً، وتتوقع الولايات المتحدة من القائد الفلسطيني أن يتفاعل معها بإيجابية، حتى لو ضمت هذه الصفقة بعض العناصر التي لا يوافق عليها. وهكذا سعى كوشنر وغرينبلات لتعلّم الدروس من أسلافهما، الذين كانوا يصطدمون تلقائياً بالرفض الفلسطيني لكل ما يقترحونه، فكانت رسالة الولايات المتحدة قوية وحملت نبرة تهديد، يجب ألا يرفض الفلسطينيون المبادرة فوراً، حسبما قيل، وسيُعالج أي تعليق أو تحفظ يملكونه خلال المفاوضات.

لكن المصادر الدبلوماسية المعنية بهذه العملية تعتقد أن المبادرة الأميركية لن تبصر النور ما لم يوافق نتنياهو عليها، ويبدو موقف نتنياهو من المبادرة حساساً جداً، إذ يمكنه استخدامها لوقف موجة التحقيقات الجنائية التي تتراكم بسرعة ضده، وقد يفكر نتنياهو في أن هذه العملية الدبلوماسية البالغة الأهمية بما تحمله من حل إقليمي قد تحول دون مواصلة المدعي العام أفيشاي ماندلبليت والشرطة ملاحقته. صحيح أن هذا أمل يائس إلا أن نتنياهو لا يملك في الوقت الراهن أي مناورات أخرى. ولكن ماذا تضم هذه المبادرة؟ تشير مصادر عدة إلى أنها تشمل مفاوضات إقليمية على ثلاثة محاور: إسرائيلية-فلسطينية مع وساطة أميركية، إسرائيلية إقليمية، ودولية (اتفاق إقليمي)، ومن الممكن أن تبدّل هذه المبادرة تعريف مفهوم "السيادة" بطريقة تسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بتشاطر الأراضي بأسلوب مبتكر، كذلك قد تعيد المبادرة إحياء فكرة الكونفدرالية الفلسطينية-الأردنية، وربما تكون الكونفدرالية الفلسطينية-الأردنية-الإسرائيلية مطروحة أيضاً.

في الختام يبقى عنصر واحد: لن يحدث أي أمر إلى أن يفرض ترامب حدوثه، وقد لا يحدث حتى رغم إصرار الرئيس الأميركي.

* بن كاسبيت

* «المونيتور»

back to top