غير مطابق للمواصفات!

نشر في 16-11-2017
آخر تحديث 16-11-2017 | 00:00
 مسفر الدوسري أليس غريباً تدرُّج حالة الحب لدينا بعض الشيء؟!

فهي تبدأ بالإعجاب بالحبيب كمرحلة أولى، ثم الحب كمرحلة لاحقة، ثم نقضي بقية عمر الحب نفتش عمّا كان يعجبنا في الحبيب!!

لابد أن هذه الطريقة هي السبب في أن معظم ولادات الحب لدينا إما قصص حب خديجة، أو قصص معاقة عاطفياً!

قصص حب ينقصها الحب، ينقصها أن نلمس تفاصيل دفئها في قلوبنا، وأن نوقد من حقيقة نورها شموعنا، ينقص قصص الحب لدينا الحياة، فقصص الحب الملآى بالجثث لا ترتقي حتى أن تكون أغنية جنائزية في فراق عاشقين، أو وردة على ضريح حب.

كنت أشاهد فيلماً أجنياً تودّع فيه حبيبة حبيبها منهية قصة الحب بينهما، في حين كان هو يتوسلها ألا تفعل، فأخذته في حضنها وهمست في أذنه قائلة: «صدقني مازلت أحبك، لكني لم أعد معجبة بك»! وودّعته إلى الأبد!

إن شرط ولادة أي قصة حب هو الإعجاب بين طرفيها، وشرط إبقائه حيّا هو استمرار ذلك الإعجاب، توقف الإعجاب بين الحبيبين أو اعتياده يصيب الحب بالموت اختناقاً، الإعجاب هو القلب النابض لأي قصة حب، وهو وقود رغيفها، يموت الحب بدونه حتى إن امتلأ بالحنطة، نحن نسطّح أهمية حالة الإعجاب، نمر عليها مرور اللاهثين خلف المرحلة التي تليها، لا نأخذ وقتاً قبل الزج بقلوبنا إلى المجهول، يكفينا في مرحلة الإعجاب هذه اليسير: مظهر جميل، موقف عابر، كلمة رقيقة، سلوك راق، مصادفة تكررت، صوت يحرك الساكن فينا، قول مشاغب، يكفينا القليل جداً في مرحلة ما قبل الوقوع في الحب لنرسم سيناريو قصة الحب في مخيلتنا اعتماداً على شخصية الحبيب التي ظننا أنا عرفناها تماماً من خلال ذلك القليل، إلا أن المفاجأة أننا اكتشفنا منذ الفصل الأول للقصة أن الحبيب ليس مطابقاً تماماً لشخصيته في السيناريو الذي كتبناه من قبل، ومع كل فصل من فصول القصة نكتشف أكثر أن هذا الحبيب «غير مطابق للمواصفات»! ونكتشف في مرحلة متأخرة من الوجع أننا كنا بصدد حب شخص آخر لا يحمل هذا الحبيب من صفاته شيئاً، إلا أننا أخطأنا ودفعنا قلوبنا ثمناً لهذا الخطأ الجسيم!

كان يجب علينا أن نتأكد من حقيقة إعجابنا بمن سنحب قبل أن نتأكد من حقيقة حبنا له، كان علينا أن نتمهل قليلاً قبل أن نقايض قلوبنا بقليل من الظن الحسن، ونبكي عليه إن بيعت بزهد، كان علينا على الأقل التأكد من حقيقة هذا القليل، وكان علينا أن نبحث فيمن نحب عن إعجاب فيه يبقى لا تناله التجاعيد، ولا يشيخ مع الأيام، كان علينا أن نضع ذلك القليل تحت المجهر، ونجمع من «مشروع أحبتنا» قدر ما نستطيع من الإشارات التي تدل عليه، لنكون متيقنين على الأقل من ذلك القليل الذي اكتفينا به، كان علينا أن نعطي مهلة لمرحلة ما قبل إعلان الحب!

(لابد أن هناك سراً وراء زواج الحبيبين بعد الإنجاب في الأفلام الأجنبية)

back to top