على كندا أن تطرح أسئلة صعبة قبل الالتزام بأوكرانيا

نشر في 15-11-2017
آخر تحديث 15-11-2017 | 00:11
تستطيع كندا المساهمة بفاعلية في مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تقترحها الحكومة الأوكرانية، ولا شك أن السلام في أوكرانيا يشكّل هدفاً يستحق العناء، ولكن من الضروري التروي، ولا بد من أن نتذكّر مدى ثقل مسؤولية إرسال جنودنا إلى بلد أجنبي.
 ناشيونال بوست تواجه الحكومة الكندية دعوات من المعارضة السياسية، والمؤتمر الكندي-الأوكراني وغيرهما، تطالبها بالاضطلاع بدور قيادي في مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تقترحها الحكومة الأوكرانية، إذ تستطيع كندا المساهمة بفاعلية في هذه المهمة، ولا شك أن السلام في أوكرانيا يشكّل هدفاً يستحق العناء، ولكن من الضروري التروي، فعلينا أولاً أن نتأمل عدداً من الأسئلة المهمة.

تخوض أوكرانيا حرباً بحكم الواقع ضد روسيا منذ عام 2014، عندما سيطرت القوات العسكرية الروسية، التي ادعت أنها مجموعات ثورية محلية، على مقاطعة القرم الأوكرانية، ومنذ ذلك الحين، تقاتل القوات الأوكرانية الميليشيات المدعومة من روسيا ووحدات "الرجال الخضر الصغار" الروسية، وإن لم تكن رسمياً روسية على طول الحدود الروسية-الأوكرانية. نتيجة لذلك شهدت أوكرانيا صراعاً دموياً حصد غالباً أرواح مدنيين.

دعمت كندا وبعض حلفائها، بما فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أوكرانيا بتقديم التدريب العسكري، والإمدادات غير الفتاكة، والاستخبارات الاستراتيجية للأوكرانيين، فساعدت هذه الجهود أوكرانيا على التصدي لروسيا بفاعلية أكبر مما كان متاحاً لها، ويعتقد اليوم عدد من المحللين الغربيين أن فلاديمير بوتين قد يكون منفتحاً راهناً على إنهاء هذا الصراع، بعدما نجح في زعزعة جارته الميالة إلى الغرب وسئم الخسائر المتواصلة.

لتحقيق هذا الهدف، على الدبلوماسيين الأميركيين والروس الاجتماع لاحقاً بغية مناقشة احتمال إرسال 20 ألف جندي من قوات حفظ السلام إلى شرق أوكرانيا. سبق أن أعلن زعيم المعارضة الرسمي أندرو شير أن المحافظين سيؤيدون مهمة مماثلة ويروّجون لها في الحكومة، وأن ثمة أسباباً يجب أن تدفع الليبراليين إلى القيام بالمثل، ولكن من الضروري أولاً معالجة بعض الاعتبارات.

الاعتبار الأول بدهي: بما أنها مهمة تابعة للأمم المتحدة، يجب أن يوافق عليها كل أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وروسيا أحد هؤلاء الأعضاء، وعلينا أن ننتظر لمعرفة ما إذا كانت موسكو مهتمة حقاً بإنهاء تدخلها في أوكرانيا، فإذا استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لتعرقل مهمة حفظ السلام، فما الخطوات التي تكون كندا وحلفاؤها الغربيون مستعدين لاتخاذها؟

ثانياً، حتى لو انطلقت هذه المهمة وفق شروط تلائم الجميع، ينبغي ألا ننسى أن الروس لجؤوا إلى الخداع طوال هذا الصراع، فقد استخدمت روسيا مجموعات موالية لها لتنفيذ مهمات عسكرية مميتة، كذلك أعربت عن استخفاف مشين بسيادة الدولة، وقواعد الحرب، والسلوك العسكري المسؤول. علاوة على ذلك، إذا قدّمت كندا جنوداً لهذه المهمة فسيحتاجون إلى التدريب، والتسليح، والتجهيز، والأهم من ذلك كله الصلاحية للدفاع عن أنفسهم وعن المدنيين في وجه أي اعتداء. فهل شعبنا وجنودنا مستعدون لذلك؟

أخيراً، هل تشكّل هذه المهمة الطريقة الفضلى لاستغلال مواردنا؟ سبق أن استثمرت قوى العالم الكبرى في أوكرانيا، ولا شك أن أي مهمة في هذا البلد ستنعم، حسبما يُفترض، بالموارد الكافية، أوليس من المنطقي أن تركّز كندا قدراتها على جزء من العالم لا يحظى بالاهتمام الكافي، ويبدو بأمس الحاجة إلى الموارد والاهتمام؟ وفي هذا الصدد يخطر ببالنا مثلاً الصراع في ميانمار.

في الحادي عشر من نوفمبر، لا بد من أن نتذكّر مدى ثقل مسؤولية إرسال جنودنا إلى بلد أجنبي، فمن الضروري اتخاذ قرارات مماثلة بعناية قصوى.

back to top