إسرائيل عندما تهزّ قبضتها!

نشر في 15-11-2017
آخر تحديث 15-11-2017 | 00:23
 صالح القلاب عندما تحتج إسرائيل بانفعال مسرحي استعراضي على القاعدة الإيرانية الجديدة جنوب دمشق، وتحذر من موطئ لما أسمته "محور طهران" في سورية، فإنها في حقيقة الأمر كمن يغطي عينيه بكفّي يديه، حتى يوهم نفسه ومن حوله بأنه لا يرى واقع الأمور، وحتى يبقى يستنجد بهذا العذر الوهمي ليؤكد لدولة الولي الفقيه وأتباعها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله، أنه شريك "مضارب" في تقاسم النفوذ في هذه الدولة العربية، التي بات حتى أصحاب أنصاف العقول يعرفون أنها ذاهبة إلى التشظي والانقسام، إذا لم تتدخل العناية الإلهية، وتجعل الأميركيين يتعاملون بجدية مع ما يجري في هذه المنطقة الاستراتيجية.

إن الإسرائيليين الذين يعرفون دقائق التطورات التي بقيت تتلاحق في سورية منذ عام 2011 حتى الآن لا يمكن تصديق أنهم لا يعرفون أن إيران باتت تحتل المناطق كلها، التي يدعي هذا النظام البائس، الذي سيدفع ثمن ما فعله، أنه يسيطر عليها، وأن الإيرانيين اعترفوا وعلى ألسنة كبار مسؤوليهم بأنهم يسيطرون على أجزاء كبيرة من شرقي البحر الأبيض المتوسط، ومن بينها بالطبع هذا البلد العربي وبلدان عربية أخرى، وأن لهم ثمانين ألفاً من "ميليشياتهم" المتعددة الأسماء والعناوين، غير حراس الثورة، والأجهزة الاستخبارية، وقواعد الطيران الحربي، و"الحشد الشعبي" لصاحبه قاسم سليماني وليس هادي العامري.

وحتى تكتمل هذه المسرحية فإن نظام بشار الأسد دأب على إطلاق صاروخ في اتجاه الفراغ الفضائي بعد كل ضربة عسكرية، يريد الإسرائيليون أن يقولوا، لمن يهمهم الأمر، وهم ليسوا الإيرانيين ولا حاكم دمشق، الذي غدا مجرد "خيال مآته"، كما يقول المصريون، وإنما بالأساس الروس الذين لهم مع فلاديمير بوتين، وليس مع فلاديمير لينين، اتفاقات سرية شرق أوسطية كثيرة... ثم وفي آخر السطر مع الولايات المتحدة، التي بقيت تتصرف مع شؤون وشجون هذه المنطقة على مدى العقود المتلاحقة منذ نهايات أربعينيات القرن الماضي وكأنهما شيء واحد... وهما شيء واحد إذا اضطررنا لقول الحقيقة!

كان الإيرانيون قد أرسلوا طائرة استطلاع، من هذه الطائرات التي جرى تطويرها من لعب الأطفال، بعلم سوري في اتجاه هضبة الجولان، التي لا تزال محتلة منذ عام 1967، وتم احتلالها عندما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع، فبادر الإسرائيليون إلى "التمرجل" عليها، وأسقطوها بصاروخ من طراز "باتريوت"، كان وصلهم كهدية أميركية... وحتى تكتمل اللعبة وإبعاد الأنظار عن الدور الخطير الذي تلعبه إيران في هذا البلد العربي فإن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس قال إنه يبدو أن هذه الطائرة من صنع روسي... وهذا في حقيقة الأمر يؤدي إلى الضحك قهقهة حتى حدود الاستلقاء على الظهر، وكأن الذين يسمعون هذا الكلام لا يعرفون أن الروس والإسرائيليين يخيطون في هذه المرحلة بمسلة واحدة!

على أي حال هذه الألاعيب لم تعد تنطلي على أحد، والمعروف أن هذه الثورة الإيرانية، التي بررت انقلابها على الشاه السابق في عام 1979 بأنه للتوجه إلى فلسطين، تجاوزت النظام الشاهنشاي الذي انقلبت عليه كثيراً في العلاقات مع إسرائيل وفي التنسيق معها.. والحصول منها في فترة من الفترات على أسلحة هي إسرائيلية، وحتى وإن كانت من صنع أميركي!

back to top