الشاعر مارون الماحولي: الحركة الشعرية اليوم إيجابية

وإن كان فيها كثير من «الشعراء» وقليل من الشعر

نشر في 09-11-2017
آخر تحديث 09-11-2017 | 00:00
مارون الماحولي
مارون الماحولي
أحبَّ الشعر منذ طفولته، تشربه من مياه بلدته كفرشيما، هذه القرية الجبلية الرابضة على كتف بيروت التي أنجبت كباراً في الشعر والأدب والصحافة والفن من أمثال ناصيف اليازجي وشبلي الشميّل وسليم تقلا وفيلمون وهبة وماجدة الرومي وملحم بركات... فترعرع معه ورافق دفاتره التي خطّ عليها شعراً عمودياً... إلا أن مارون الماحولي ما لبث أن انقطع عن الشعر سنوات طويلة فاقت الخمس والعشرين سنة، ثم عاد، في السنوات الأخيرة، بقوة إلى محرابه الذي يعتبره توأم روحه، ووقف شاعراً على المنابر، مازجاً في شعره بين شخصيتيه كشاعر ومحامٍ، وإذا بقصائده تنبض بقضايا اجتماعية بقدر نبضها بالحب والعاطفة...
«درفتين و... مدا»، الديوان الشعري الأول الصادر حديثاً للشاعر مارون الماحولي، خصصه للشعر المحكي اللبناني، يتنوع بين الوجدانيات وقصائد في الحب والوطن والجيش، وأخرى يعكس فيها حال الفقر والفقراء ويناجي الله والسيدة العذراء والإمام الحسين. كذلك في الديوان قصائد هي بمثابة تحية وفاء إلى المناطق التي زارها والأندية التي استضافته في أمسياتها الثقافية، وأخرى لذكرى كبار رحلوا من أمثال ملحم بركات وصباح وعشتار.
لماذا اخترت هذا الوقت بالذات لإصدار ديوانك الأول «درفتين و... مدا»؟

بكل بساطة أصبحت حاضراً الآن وكتابي أيضاً، والشعر له كل وقت... وكل الوقت.

ما الذي تقصده من العنوان: إطلالة على الحياة، على الشعر، أم على عالمك الخاص الذي رسمته في قصائدك؟

«درفتين... ومدا» هو كتاب شعر باللغة اللبنانية المحكية، أطلقته في العام 2017 من نقابة المحامين في بيروت التي انتسب إليها كمحامٍ، وقد أخذ تسميته من عنوان أول قصيدة كتبتها بالمحكية في العام 2015 بعد غياب طويل عن الشعر بشكل عام. المقصود بهذا العنوان معانٍ ثلاثة:

الأول وبشكل مباشر النافذة والتي هي عبارة عن درفتين... ومدى.

الثاني الكتاب بحد ذاته وهو عبارة عن درفتين وفيه الشعر مدى.

الثالث القصيدة المذكورة والتي وردت فيها هذه العبارة عن {عينيّ}:

دَرفْتين ومدا

وتقَمّصو عيوني: درفْتَين ومدا

بَركي السما، شَمس وقمَر، تِرسُم مَرا...

تَاري المَرا مِتل القصيده بتِعبَدا

لا بتِنرسَم،لا بتنكتَب،لا بتِنقرا

برزت شاعراً على المنابر قبل أن تقرر إصدار ديوانك الأول، ما الذي أخر رؤية «درفتين و... مدا» النور؟

في الحقيقة كتابي لم يتأخر، كتبته خلال عامين فقط، إنما أنا وصلت إلى الكتابة متأخراً لأسباب يطول شرحها، فقد كتبت الشعر العمودي صغيراً، وانقطعت حوالى 25 عاماً، وعدت الآن من بابي الشعر العمودي الفصيح والمحكي، وأصدرت كتابي الأول بعدما ألقيت شعري على معظم منابر لبنان ومنابر أخرى خارجه.

أنت من بلدة كفرشيما التي أنجبت شعراء وفنانين، فأين هي بيئتك وقريتك في شعرك؟

أنا من كفرشيما الوادعة في جبل لبنان، البلدة التي أحب... بلدة أنجبت عباقرة في الفن والأدب واللاهوت، ثمة مقولة في ضيعتي تقول: من يشرب من مياه كفرشيما يشرب معها الفن، فأنا ابن بيئتي وشعري هو أنا على الورق، وكفرشيما علمتني الكثير وأعطتني الكثير، وقد عملنا مع بعض الأحباء والأصدقاء على تأسيس «المنتدى الأدبي كفرشيما» الذي يستضيف كبار الشعراء من كفرشيما ولبنان والدول العربية الشقيقة.

بين العقل والقلب

يغني شعرك الحب والجمال والطبيعة، فهل تعتبر أن القصيدة المحكية تساعدك أكثر على التعبير عن هذه القضايا من القصيدة الموزونة؟

اللغة وسيلة يستخدمها الشعر الطالع من العقل والقلب والفكر والإحساس... المحكية أقرب إلى النبض والقلب، والفصحى أقرب إلى العقل، وأنا أتوسل وسائل التعبير كافة.

هل يمكن اعتبار القصيدة المحكية عفوية والقصيدة الموزونة وليدة صناعة كتابية؟

تستخدم الصناعة في الحالتين، إنما الشعر، وإن كان صناعة في جانب معين، إلا أنه أبعد من ذلك بكثير: الشعر قبل كل شيء فكر، وصور مبدعة مبتكرة، وبناء منهجي مُحكم، ووزن وقافية ومفردات منتقاة، مع إحساس نابع من القلب والوجدان والصدق.

ينبض شعرك بقضايا إنسان اليوم، فهل تؤمن بأن الشعر يجب أن يكون شمولياً يعكس صورة عن عصره؟

الشعر من الله، وهو لا يقتصر على الغزل، بل يطال كل جوانب الإنسان والفكر والأرض والسياسة والهموم اليومية، هو مدى كما قلت في كتابي.

أنت معروف بأنك شاعر المنابر ولك قصائد في رثاء شخصيات من بينها قصيدة في رثاء الفنان ملحم بركات، فهل لشعر الرثاء مقومات ومعايير، وما الذي يحرك فيك الرغبة في كتابة قصيدة رثاء، العلاقة الإنسانية أم القيمة الفكرية والفنية؟

أكتب قلبي، ويزاد بعد ذلك كل شيء، فأنا أكتب ما أحب ومن أحب. قصيدتي في رثاء الموسيقار ملحم بركات هي حبي له، يضاف إلى ذلك قيمته الفنية والإنسانية... أو أكتب في أشخاص أحترم مواقفهم وسيرتهم في الحياة وأقدرهم، ولا يمكنني أن اكتب تكسباً لأني مثل شعري حرّ، واليوم أكرر تقديري للموسيقار وأقول له:

دَقّ الجَرَس... لمّا سَكَت قَلبَك / شوف السَما قِدّيش بِتحبَّك/ يا بو مَجِد مَسِّح دموع الناس/ صوتَك خَمِر يِنزُف بِقَلب الكاس/ صار الوَقِت تَ يِسمَعَك رَبَّك

بَلَّش القِدّاس../ شو توقَف الكِلمه على بابَك/ تا تِعزِما وتصير غنّيه

كلّ الدني هيّي / تْنَسِم موسيقى درفه كْتابَك...

ارتقاء المعنى

بدأت بكتابة شعر فصحى موزون ثم انتقلت إلى الشعر العامي، ما سرّ هذا الانتقال؟

أنا لم أنتقل، فأنا ابتدأت بالشعر العمودي صغيراً، وبعد الانقطاع كانت لي محاولات جيدة بالمحكية التي أحبها، واستمريت بالفصحى، فأنا أحبها أيضاً واللغة العربية لغة متماسكة وخلاّقة وتسعف، بسبب قوتها، في بعض الأحيان النصوص العادية بعكس المحكية التي يجب أن ترتقي في المعنى لتكون مميزة.

شعراء كثر بالعامية تأثروا بالشاعر الكبير سعيد عقل، فماذا عنك؟

أرى، بكل محبة وتواضع، أن سعيد عقل الكبير أبدع بالفصحى أكثر منه بالعامية، وأعتقد أن الشعر اللبناني الذي يكتب اليوم، وهذا رأي الكثيرين، هو الأفضل في تاريخ الشعر المحكي اللبناني. شخصياً، أسعى دائماً إلى أن أكون نفسي من دون أن أتشبه أو أتأثر بأحد... مهما كان حجمي: كبيراً أو صغيراً، أسعى إلى أن أكون متفرداً والزمن يحكم على كل تجربة.

تذوق الشعر

شارك الشاعر مارون الماحولي في منتديات أدبية وشعرية وأوصل شعره بشكل مباشر إلى الجمهور، حول رأيه في ما إذا كان الناس ما زالوا يتذوقون الشعر يوضح: «الشعر اليوم، وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي في نهضة، والحركة الشعرية، وإن كانت مفرطة وفيها الكثير من «الشعراء» والقليل من الشعر، إلاّ أنها إيجابية. والناس يميلون دائماً إلى الشعر الجيد لأن الشعر جمال والناس يحبون الجمال».

حول موقع لبنان اليوم في الحركة الشعرية العربية، يضيف: «لبنان كان دائماً ريادياً في الفن والأدب والشعر كتابة ونشراً وحضوراً، واعتقد بأنه في المقدمة مع غيره».

في ختام حديثه، شكر الشاعر مارون الماحولي جريدة «الجريدة الكويتية» على اهتمامها بالثقافة والشعر على امتداد الوطن العربي.

back to top