Wonderstruck... أحجية ساحرة تدور في حقبتَين بنيويورك

نشر في 08-11-2017
آخر تحديث 08-11-2017 | 00:03
تلتحم العوالم بطريقة رقيقة على نحو غير اعتيادي في Wonderstruck، تلك النسخة السينمائية التي قدّمها المخرج تود هاينز من كتاب بريان سيلزنيك الذي حقّق أعلى المبيعات عام 2011 وشكّل رواية عميقة مصوّرة بمهارة تثير اهتمام محبي الأحاجي من الأعمار كافة.
أحببت فيلم مارتن سكورسيزي Hugo المقتبس من كتاب سيلزنيك Invention of Hugo Cabret، الذي يروي، على غرار Wonderstruck، قصة أولاد شجعان يكتشفون قصصاً حقيقية لمسنين خابت آمالهم. لكن فيلم هاينز يشكّل تجربة أكثر عمقاً من الناحية العاطفية. ولا شك في أن المشاهد، مهما كانت سنه، سيعثر على ما يسحره في رواياته المتشابكة، التي نقلها هاينز إلى الشاشة وبث فيها الحياة عدد من المحترفين البارعين.

لعل الأبرز بين هؤلاء المحترفين المصوّر السينمائي إيد لاتشمان الذي يتعاون غالباً مع هاينز ويصوّر هذا العمل على شريط بقياس 35 مليمتراً بالأبيض والأسود لمشاهد عام 1927 وبالألوان لمشاهد عام 1977.

تبدأ أحداث Wonderstruck في ريف مينيسوتا في عام 1977. يخسر بن الصغير (أوكس فيغلي) سمعه بسبب صاعقة بُعيد وفاة والدته (ميشال وليامز)، التي كانت تعمل أمينة مكتبة، ولم تطلعه على هوية والده الغائب.

غموض

يحتوي كتاب والدة بن الغامض عن ذكرياتها في مدينة نيويورك على مفتاح لتحديد هويته. لذلك ينطلق بن في رحلة عبر البلد في مهمة لتحديد نسبه. يركب حافلة من Port Authority في وسط مانهاتن. بالنسبة إلى هذا الصبي من مينيسوتا، هذا عالم جديد. ويبرع لاتشمان في نقل التراكيب والألوان بطريقة ساحرة.

لا تقل مشاهد عام 1927 بالنسبة إلى روز الصغيرة (ميليسنت سيموندز) غرابةً. على غرار بن، تتوق تلك الفتاة الصماء، التي تعيش في هوبوكن، إلى التواصل مع والدتها البيولوجية، مغنية مشهورة تؤدي دورها جوليان مور. وفي حبكة أساسية في هذه القصة، تجسد مور أيضاً دور روز البالغة في نصف Wonderstruck الذي يدور في السبعينيات. عندما يكتشف بن، بمساعدة صديقه الجديد جيمي (جايدن مايكل)، ترابط التفاصيل في سلسلة الاكتشافات المعدة بإتقان التي يتوصل إليها، تندمج القصتان معاً. يقودنا اهتمام سيلزنيك الواضح بجمال نيويورك عميقاً في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي (يعكس مجسّم ذئب أحلام بن عن هجوم ذئب) ومتحف كوينز، حيث يحمل مجسم كامل عن مدينة نيويورك تشرف عليه روز البالغة حلولاً ذكية للتساؤلات التي كانت تراود بن طوال حياته.

تواصل

عند عرض أحداث حبكة هذه القصة بهذه الطريقة، يبدو الفيلم معقداً وصعب الفهم. إلا أنه ليس كذلك. فمفاهيم القصة الرئيسة ملهمة: جزء روز من القصة صامت تماشياً مع معاناة روز الصمم طوال حياتها. أما جزء بن فيحفل بالأصوات بما أنه فقد سمعه أخيراً ويحاول تعلّم التواصل بهذه الطريقة. كذلك تشكّل موسيقى الملحّن كارتر بورويل الناعمة والحيوية من دون اللجوء إلى القوة إضافة مميزة إلى هذا العمل. أما الأداء المتقن، خصوصاً الأداء الصادق، والرقيق، والسهل الذي تقدّمه الممثلة الصماء سيموندز، فيتحوّل إلى وسيلة المشاهد للغوص في Wonderstruck.

كما في Hugo، يضمّ هذا العمل مشاهد ترى فيها الشخصيات كما لو أنها أحاجٍ. لكن هاينز يفضل دوماً السكينة في أفلامه، ويُعتبر من أبرع المؤهلين لتقديم مواد مماثلة. وهكذا نحصل على قصة خرافية مليئة بالمشاعر التي تمسنا بصدق.

موسيقى الملحّن كارتر بورويل الناعمة تشكّل إضافة مميزة إلى هذا العمل
back to top