مرافعة : الجرائم الإلكترونية بين خلل القانون وإلغائه!

نشر في 07-11-2017
آخر تحديث 07-11-2017 | 00:27
 حسين العبدالله الاقتراح المقدم من النائب صالح عاشور بطلب إلغاء كل مواد قانون جرائم تقنية المعلومات بداعي معارضته للحريات في الكويت، هو اقتراح في غير محله، لأن جميع أحكام القانون لا تتعلق بالحريات، بل بتنظيم بعض الجرائم التقليدية التي قد تقع بواسطة الشبكات ومواقع الإنترنت كجرائم الاتجار بالمخدرات أو البشر، أو الدعارة، أو التزوير، وهي جرائم كان يخلو من تنظيمها الواقع العملي، وكان يتعين إضافتها وفق قوانين المعاملات الإلكترونية، أو هيئة تنظيم الاتصالات دون حاجة إلى إصدارها بقانون، إلا أن نواب المجلس السابق باركوا إصدار القانون المقدم من الحكومة بكل مواده التي نحتاج إليها، والتي لا نحتاج إليها، لتنظيمها أساساً بقوانين هيئة الاتصالات أو المعاملات الإلكترونية.

ويبدو أن من اقترح على الأخ عاشور لم يدرك أن إلغاء المادة من قانون جرائم تقنية المعلومات ليس حلاً، لأنها مادة منصوص عليها بقانون المطبوعات والنشر، الذي أحال إليه قانون جرائم تقنية المعلومات تطبيق مواده، ومن ثم فإن إلغاء هذا القانون لا يعني إصلاح الحريات في الكويت، لأن المادة ذاتها التي تبالغ بالمسؤولية والعقاب تطبق على الصحافيين والمذيعين والمخرجين والمعدين وغيرهم ممن يمارسون العمل الإعلامي رغم أن الإساءة لم تصدر منهم!

والاقتراح الذي أتمنى من الأخ عاشور النظر إليه هو العمل على إلغاء نص المادة 6 من قانون جرائم تقنية المعلومات فقط، لأنها المادة التي تحيل المغردين إلى الأحكام والعقوبات الواردة في قانون المطبوعات والنشر، والتي خصصت عند سنها للمؤسسات الصحافية مقابل تنازل الحكومة عن العديد من الصلاحيات التي كان يسمح لها قانون الصحافة القديم من خلالها بتعطيل الصحف إدارياً ويبعد رقابة القضاء عن القرارات التي تصدرها بمنع منح التراخيص.

وإلغاء نص المادة 6 من قانون جرائم تقنية المعلومات سيريح النيابة والإدارة العامة للتحقيقات والقضاء بشقيه الجنح والجنايات، لأنها المادة التي لم يحسن صانعو التشريع في مجلس الأخ عاشور صياغتها، إذ نظمت مسائل هي ذاتها منظمة بحكم المادة 70 من قانون هيئة تنظيم الاتصالات رقم 37 لسنة 2014، وبسبب صدور هذه المادة لم يكن ضحية التطبيق سوى المغردين والمدونين والنيابة والتحقيقات والقضاء، بسبب عدم صلاحية تطبيق نصوص أحكام قانون المطبوعات على الوقائع المنسوبة إلى المغردين والمدونين، لأنها مفصلة لغوياً على الناشر والمحرر الصحافي، ولأن هناك أحكاماً وردت على الأقل بقانون هيئة الاتصالات تتناسب مع الأفعال المرتكبة!

المطالبة بالحريات التي ينشدها الأخ صالح عاشور تدعوه إلى العمل على تخفيف العقوبات الواردة بقانون المطبوعات والنشر الذي يقرر الحد الأدنى لمن يخالف القانون بمبلغ 3 آلاف دينار، والمرئي والمسموع بمبلغ 5 آلاف دينار تؤول جميعها إلى جيب الدولة لا جيب المتضررين الذين يتعين عليهم رفع دعاوى مدنية أخرى، وأن يكون هناك تعديل على إلغاء المسؤولية المفترضة التي يقرها قانون المطبوعات والنشر بمساءلة رئيس التحرير ويقرها قانون المرئي والمسموع بمساءلة المذيع والمعد والمخرج ومدير القناة دون ذنب!

المطالبة بالحريات تستلزم من عاشور وزملائه في البرلمان، ممن تلقوا التصفيق الحار من قواعدهم الانتخابية قبيل دخولهم المجلس بسعيهم إلى الغاء القوانين المناهضة للحريات، العمل على تطبيق حكم المحكمة الدستورية بتفسير المادة 4 من قانون أمن الدولة من خلال إصدار تعديل تشريعي على هذه المادة، التي أكد الحكم الدستوري عدم انطباقها على جرائم الرأي، بل انطباقها على الأفعال المادية التي يقصد منها تعريض الدولة لجريمة الخطر، والتي لا يمكن لمغرد أو كاتب صحافي أن يرتكبها بسبب تعبيره عن الرأي، وبالإمكان مساءلته عن جرائم أخرى بسبب تلك الكتابات التي تعتبرها الدولة مسيئة لدول صديقة أو شقيقة!

back to top