الحريري... إنه بلاغ للعرب!

نشر في 06-11-2017
آخر تحديث 06-11-2017 | 00:19
 صالح القلاب قبل أيام قليلة من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، هرباً بحياته حتى لا ينتهي إلى مصير والده، أطلق رئيس جهاز الأمن الإيراني علي شمخاني، والأمن في إيران كلّ شيء، تصريحاً قال فيه إن القوات الإيرانية، ومعها حزب الله، موجودة في كل الأراضي السورية من الشرق "حتى الجنوب"! وإنَّ طهران باتت ترتبط بممرٍّ بريٍّ عبر العراق وسورية يصل إلى لبنان وإلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط الشرقية.

كان الحريري الوالد قد قُتل في عام 2005 بمتفجرة بقوة قنبلة نووية صغيرة، لأنه رفض إملاءات بشار الأسد التي كانت، كما هو الوضع الآن، إملاءات إيرانية، ولكن للأسف فإن "القاتل" المنفذ الذي هو حسن نصرالله لا يزال طليقاً،

ولا يزال "يسْرح ويمْرح" حتى الآن، وذلك مع أنه ثبت، من خلال التحقيقات الدولية، وبصورة قاطعة أنه هو القاتل، وأنه هو المنفذ بأوامر "سورية" وأوامر إيرانية، وهذه مسألة باتت مثبتة ومعروفة، ولا ينكرها إلا تابع لهذا الحليف الشيطاني، أو جاهل بنصْف عقل "لا يعرف الخمس من الطَّمس"!

لقد بدأت إيران بعد الثورة، التي لامس رهاننا عليها غيوم السماء، مباشرة تسعى لاستعادة ما تعتبره أمجاد فارس القديمة، على أساس أنَّ هذا الشرق الأوسط العربي كله يجب أن يصبح مجالاً حيوياً لها، كما كان قبل "القادسية" العظيمة.

وهكذا، ولتنفيذ هذا التوجه، فقد بدأت طهران بإنعاش طائفية نائمة، واعتمدت على بؤر مذهبية في العراق وسورية وفي اليمن، وفي بعض دول الخليج العربي، وبالطبع قبل الكل لبنان، لتكون مراكز قوى متقدمة في هذه الدول كلها.

كانت مشكلة رفيق الحريري أنه لم يكن من الممكن أن يصمت على هذا، فقد رفع راية المقاومة في فترة كانت قد "تكسرت" فيها معادلة هذه المنطقة لمصلحة الإيرانيين وحلفائهم، فكان لابد من التخلص منه بتلك الطريقة الهمجية المرعبة.

والآن، وقد تمكنت إيران من فرْد عباءتها الطائفية على بعض دول هذه المنطقة، التي في مقدمتها سورية، كان لابد من إلحاق سعد الحريري بوالده، لأنه رفض الانحناء أمام حسن نصرالله، الذي كان تفاخر ولا يزال يتفاخر بأنه مقاتل في فيلق الولي الفقيه. ولذلك، ولأنه، أي الحريري، قد استعصى على محاولات الترويض التي مورست عليه، وعلى الشعب اللبناني، بغالبيته وبمعظم تكتلاته وأحزابه الرئيسية، فقد أصبح أمامه خياران لا ثالث لهما، فإما مصير كمصير والده، وإما الاستقالة لإنعاش الوجدان الوطني اللبناني، وإنعاش النخوة القومية العربية.

إنه لم يعد أمام سعد الحريري أي خيار إلاّ هذا الخيار، فإما سيارة متفجرة كالتي مزقت جسد والده ومن كان معه، وإما الاستقالة والقول: "اللهم اشهد"؛ لدفع اللبنانيين إلى المقاومة، كي لا يتحول بلدهم الجميل إلى مستوطنة إيرانية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

وهنا، فإنه على العرب كلهم، وأولهم عرب هذه المنطقة الملتهبة، التي اقتربت من أن تتحول إلى مجال حيوي إيراني، أنْ يدركوا أنهم كلهم مستهدفون، وأن هناك مثلاً يقول: "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"، وأن أكبر جريمة ترتكب بحق هذه الأمة هي أن يطأطئ البعض رؤوسهم، اعتقاداً منهم أنهم عندما ينحنون أمام هذه العاصفة فإنها ستمر بعيداً عنهم، وأنها ستوفرهم!

back to top