لبنان… بين احتلالين؟

نشر في 05-11-2017
آخر تحديث 05-11-2017 | 00:20
 محمد الوشيحي لبنان هو المسرح الحي للأحداث، هو عصارة كوكتيل الاختلافات بكل أنواعها؛ العرقية والطائفية والدينية والتبعية والطبقية. هو الجوهرة التي يتقاتل للحصول عليها قراصنة الشرق والغرب، وكلهم يرتدي ثياب نابليون، الذي يحتل بلدك وينهبها تحت غطاء الدفاع عنك.

ويقول البعض: لبنان بين احتلالين! ويقصد الاحتلال السوري ثم الإيراني. ولا أدري كيف استبعد، هذا البعض، بقية الاحتلالات، الظاهرة منها والمختبئة من قبل كثير من الدول على ظهر هذا الكوكب، ولا كيف استبعد سيطرة أمراء الحرب منذ السبعينيات من القرن الماضي حتى الآن. وهو احتلال واضح لو دققنا النظر فيه، فالخير الذي تحصل عليه الطائفة يستحوذ عليه زعيمها وأسرته، والمصائب التي تحل بالطائفة تقع على رأس أبناء طائفته باستثنائه هو وأسرته. هو احتلال متكامل الأركان يا عزيزي.

واستقال الحريري، أمس، معدداً أسباب الاستقالة، وهي ذات الأسباب التي كانت موجودة في عصر والده الشهيد رفيق الحريري، وما قبل والده، وستستمر إلى ما بعد أولاد أحفاده، فلا إيران تتنازل عن غنيمتها، ولا العرب يستطيعون الاتحاد في وجه إيران واستعادة لبنان إلى حضنهم، ولا الدول العظمى تريد أن تنهي هذه اللعبة؛ إذ يبدو أن الدول العظمى إما مستمتعة بها ومستفيدة منها، أو أنها تعتبرها مجرد "لعبة أطفال" ولا تريد أن تشغل نفسها بها.

وسقى الله أيام الطيبين، حيث كان الاحتلال احتلالاً بحق وحقيقي، بحاكم عسكري، وعَلَم، وقوات المحتل تسيطر على المناطق الحساسة والمفاصل الهامة في الدولة، ووو… فتبدلت الأحوال ليصبح الاحتلال متنكراً خلف وجوه محلية، ويبطش بأيدٍ محلية، وقوات محلية، ويرفع علم الدولة ذاتها، ويتغنى بحبها.

وسقى الله لبنان الذي لم أفهم إلى الآن كيف ما زال يحتفل بعيد الاستقلال، ولم أفهم أي استقلال هو فيه، إلا إذا كان يعتبر الاحتلال الفرنسي شراً، والاحتلال من بقية الخلق والدول خيراً.

back to top