في إحدى زوايا الذكريات

نشر في 31-10-2017
آخر تحديث 31-10-2017 | 00:08
 يوسف عبدالله العنيزي على مراحل الحياة تتراكم الذكريات حتى يكاد يخفي بعضها بعضا، وينزوي بعضها في الزوايا في انتظار من يسلط الضوء عليها.

في الأسابيع القليلة الماضية نقل لي أحد الأعزاء سلاماً ومحبة وإطراء من الصديق العزيز سليمان الجطيلي «بوضاري» أحد رجال فريق الحماية المكلف بحماية رئيس وأعضاء البعثة الدبلوماسية الكويتية في اليونان، فأضاء تلك الزاوية من الذكريات، وأعادني إلى تلك الفترة من 1980 إلى 1984، وكنت خلالها أتولى مسؤولية الشخص الثاني في السفارة بدرجة مستشار، في الفترة 1980 إلى 1982.

كانت مدينة أثينا تتميز بالأمن والأمان، ولكن في بدايات عام 1983 انفلت الأمن من عقاله، وتحولت الأوضاع من حال إلى حال، وفقدت المدينة الأمن والأمان ما بين حوادث اغتيال وتفجيرات وسيارات مفخخة، تلك الفترة التي يمكن أن نطلق عليها «حرب المخابرات العربية».

من الحوادث المؤسفة التي عايشتها في تلك الفترة التفجيرات التي تمت في مكاتب الخطوط الجوية الكويتية، ومكتب الخطوط السعودية المجاور، والتي لا تبعد كثيرا عن ساحة «سندجما» الشهيرة في وسط العاصمة أثينا، وقد تم استدعائي إلى أحد مقار المخابرات اليونانية، حيث تم إطلاعي على محضر التحقيق، وقد سألني رئيس المركز إن كان بإمكاني التعرف على مرتكب الحادث الذي تم القبض عليه، وقد تبين لي أنه شاب من جنسية عربية.

وعودة إلى الأخ العزيز «بوضاري»، الذي اتصلت به في اليوم التالي من نقل رسالته وسلامه لي هاتفيا، حيث طالت المكالمة، واستعرضنا فيها على عجل بعض الأحداث التي واجهتنا في تلك الفترة، إذ كان فريق الحماية يتكون من مجموعة من الشباب الذين آمنوا بربهم ووطنهم، وأذكر منهم الإخوة عبد العزيز الدغيشم وعبد العزيز المنيخ وزياد المجرن ونجم الشراح وجلال الزهير، وليعذرني من غاب عن البال، وكانت إدارة حماية الشخصيات برئاسة الأخ العزيز عبدالله المسعود.

استعدنا مع الأخ «بوضاري» أحداث تلك الليلة عندما تلقى أفراد الحماية المناوبون، وهم الإخوة عبدالعزيز الدغيشم ونجم الشراح وسليمان الجطيلي، مكالمة هاتفية تحمل تهديدا بالقتل، وذكر المتصل أفراد الحماية بالاسم، وعنوان السكن، ورقم الهاتف؛ مما يعني أن المتصل قد قام بالفعل بجمع المعلومات.

وعند إبلاغي بذلك جازفت وذهبت إلى الإخوة في الشقة، حيث وجدتهم وقد عمروا رشاشاتهم، وأخذوا وضع الاستعداد بشجاعة وقوة تعبر عما يتميز به شباب الكويت المتحفزون دائما للدفاع عن الكويت وأهلها في أي مكان بالدنيا، هذا وقد اتفقنا على ترك الشقة والانتقال للسكن في منزلي، وفي اليوم التالي انتقلنا للسكن في أحد الفنادق الصغيرة خارج مدينة أثينا.

كانت أوقاتاً فيها الكثير من المعاناة، فشكراً لأولئك الشباب الذين كانوا يعتمرون السترات الواقية، ويحملون أسلحتهم بأيديهم، ويضعون أرواحهم على راحتهم ويملأ الإيمان بوطنهم قلوبهم.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

شعور رائع

ذلك الذي انتابني في الأيام القليلة الماضية ممزوجا بالفخر، وأنا أرى ابني «محمد» وهو يضع أولى خطواته في طريق النجومية والشهرة في مجال ليس بالهين أو السهل، فقد نشر روايته الطويلة الأولى باللغة الإنكليزية بعنوان «الانتقام Retributi0n»، وقام الموقع الإلكتروني «Amaz0n .c0m» بطباعة ونشر وتسويق الرواية، وسيقوم قريبا بنشر روايته الثانية، كما يستعد «محمد» للمشاركة في الدورة التي تقيمها مؤسسة «New y0rk film academy»، وذلك للتدرب على كتابة سيناريو الأفلام والمسلسلات، إضافة إلى كتابة بعض المقالات الصحافية في بعض المواقع الصحافية الإلكترونية الأميركية، وتركز أغلبها على التاريخ الأميركي والحياة السياسية والبرلمانية في الولايات المتحدة الأميركية.

وعند الاستفسار من محمد عن عزوفه عن الكتابة في الإعلام الكويتي والشأن المحلي أفاد أنه لاحظ أنه لكي تكون كاتبا كبيرا ومشهورا فإن عليك أن تتقن فن التحلطم والنقد اللاذع؛ حتى لو كان ذلك يؤذي الوطن «ويغث» أهله، وفي اعتقادي أنهم لا يجيدون غير هذا النهج، وعلى مدى عمرهم الصحافي، وفي مفهومهم أن من يكتب عن الإيجابيات فهو إما منافق أو متزلف. دعائي من القلب لابني محمد وكم أنا فخور به.

back to top