كتالونيا وكردستان!

نشر في 30-10-2017
آخر تحديث 30-10-2017 | 00:18
 صالح القلاب خلافاً لما يظن البعض ويعتقدون، فإنه لا شبه يصل إلى حدِّ التطابق بين خطوة "الاستفتاء" التي أقدم عليها مسعود البارزاني، واعتبرتها الحكومة العراقية، ومعها إيران وتركيا، خطوة انفصالية وانقسامية، والإعلان عن انشقاق إقليم كتالونيا الإسباني وتحوله إلى دولة مستقلة، وهذا قبل أن يخضع رئيسه كارليس بوتشيمون لضغط الحكومة الإسبانية التي أقالته من منصبه وقررت إجراء انتخابات لاحقة بهذا الإقليم، في فترة قريبة.

إنَّ أول أوجه الاختلاف بين هاتين القضيتين أو المشكلتين أو الأزمتين، هو أنَّ كردستان العراقية تعتبر جزءاً من امتداد قومي كردي في تركيا، وفي إيران وفي سورية، وهو أيضاً أنّ هذا الإقليم بقي "يطرح" نفسه كدولة مستقلة منذ أن أضفت عليه الولايات المتحدة الأميركية حمايتها في بداية تسعينيات القرن الماضي، وأنه شكّل، بكل أجهزته ومؤسساته ودوائره الحكومية وقواته العسكرية (البيشمركة)، وممثلياته الدبلوماسية في الخارج، كياناً مستقلاً تعاملت معه العديد من دول العالم، على أساس أنه لم يعد ملحقاً بالعراق ولا تابعاً للعاصمة العراقية.

وحقيقة، فإن هذا لا ينطبق إطلاقاً على إقليم كتالونيا الإسباني الذي له امتداد جغرافي وسكاني في فرنسا وحدها، الذي رغم نزعته الاستقلالية القديمة لم تتشكل فيه "ميليشيات" مسلحة، وبقيت أنشطته سلمية واقتصرت على التظاهرات والاحتجاجات والبيانات. وهنا، فربما أن إقليم "الباسك" المشترك الإسباني – الفرنسي قد شهد في فترات سابقة بعض المحاولات الميليشياوية التسليحية التي ما لبثت أن اختفت بعد انتكاس الثورة اليسارية، التي يعتبرها البعض ثورة شيوعية، في ثلاثينيات القرن الماضي، وانتصار الجنرال فرانسيسكو فرانكو، بدعم من معظم، إن لم يكن كل، الدول الأوروبية الغربية.

لكن، وبما أننا بصدد هذا الاستعراض التاريخي المقتضب، فإنه لابد من الإشارة إلى أن يويس كومباينس الذي لا يزال يعتبره الكتالونيون بطلهم القومي كان قد أعلن هذا الإقليم، في بدايات ومنتصف ثلاثينيات القرن الماضي، دولة في إطار جمهورية إسبانيا الاتحادية، التي لم تكن قائمة، لكن هذا الثائر الكتالوني ما لبث أن استسلم لقوات النظام الإسباني، ولجأ إلى فرنسا لاحقاً، وألقى الألمانُ النازيون المحتلون القبض عليه في عام 1940، وقاموا بتسليمه إلى الجنرال فرانكو، الذي نفذ به حكم الإعدام في قلعة مونتغويك المطلة على مدينة برشلونة.

والمشكلة بالنسبة للكتالونيين الاستقلاليين أنَّ الاتحاد الأوروبي بدوله كلها ضد انفصالهم عن إسبانيا، وأنه ضد أي حركة انفصالية في أوروبا كلها، وأنه يسعى إلى أوروبا موحدة بهوية أوروبية واحدة، وبجواز سفر واحد، ثم إنّ المعروف أن هذه الـ "كتالونيا" تنعم بكل هذا الرخاء الاقتصادي، اعتماداً على الأوروبيين وعلى الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأوروبية، مما يجعل رئيسها الذي تمت إقالته كارليس بوتشيمون يذعن لإملاءات الحكومة الإسبانية المركزية، ويكتفي بالاعتراض الديمقراطي فقط، ويلجأ لـ"النضال" بالوسائل السلمية!

back to top