المدرسة صندوق أسود

نشر في 29-10-2017
آخر تحديث 29-10-2017 | 00:13
تخريب المدرسة وتسليمها لأنصاف التربويين هو سبب رئيس لما نشهده في تربية أجيال على العنف والتنمّر والنظر إلى الآخر على أساس التمييز الاجتماعي والطائفي.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

"الصيانة سيئة لجميع الخدمات سواء السباكة أو التكييف أو النظافة". هذا هو نص بند رقم 39 من تقرير زيارة لجنة حقوق الإنسان البرلمانية للسجن المركزي الصادر في أبريل الماضي.

***

"المكتوب باين من عنوانه". مثل شعبي يُضرب لانتفاء الحاجة للتفكير الزائد لمعرفة أسباب مشكلة ما، وهذا المثل ينطبق على التعليم العام الذي صدر فيه تقرير مخيف من المجلس الأعلى للتخطيط عام 2014، يؤكد ضعف الإدارة المدرسية وتضخم الإداريين وتسرب الطلبة وضعف قدراتهم التعليمية وغيرها من المشاكل؛ برغم ارتفاع معدلات الصرف المالي لكل طالب. (المتوسط العالمي 4611 دولارا مقابل 50662 دولارا للطالب الكويتي).

يوم الجمعة الماضي نشرت الجهات الأمنية تقريرا عن أحداث العنف في الكويت خلال الشهور العشرة الأولى من العام الجاري، وكشف عن 1000 حالة اعتداء على النفس! وتطرق إلى العنف في المدارس من خلال حالات مودعة في سجن الأحداث. وكان تقريرا تربويا قد نُشِر عام 2016رصد 22 ألف حالة اعتداء متنوع داخل المدارس بين الطلبة أنفسهم ومن الطلبة ضد المدرسين شمل الجنسين.

هنا ومن دون مجاملة يحب دق ناقوس الخطر من هكذا تعليم انسحبت رسالته التربوية وتوارت لتقتصر على التعليم الرديء، بدليل أنك نادرا ما تجد أبناء وزراء التربية يقبلون بالتحاق أبنائهم في تلك المدارس، وهي دلالة لها رمزية.

نقول هنا ونذكّر بأن النشاط المدرسي قد تم تجريفه لمصلحة الجرعات الدينية، وهو ما أكده تقرير مجلس التخطيط، ونُذكّر أيضا بأن إدارة المعارف عندما تأسست عام 1936أقامت مسرحية شهيرة اسمها "إسلام عمر" بعد 3 سنوات من تأسيس الدائرة حضرها حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر، ومثَّل فيها ابنه الشيخ جابر الأحمد يرحمهما الله. وبعدها كانت الموسيقى والفنون والرياضة والخطابة عنوان التعليم لعقود توالت ثم اندثرت بعد تسيد المشهد التربوي الديني التعليم في الــ30 سنة الماضية.

لم نشهد مسرحية تفوز بمسابقة بين المناطق التعليمية أو عملا إبداعي يُطاف به في محفل محلي أو خارجي؛ ليكون عنوانا يربط التعليم بمواهب الطلبة غير العلمية.

العنف في المدارس يتزايد بسبب عدم وجود برامج ترفيهية تمتص طاقة وفوران سن المراهقة، والتخويف من حصة الموسيقى ولمزها بالتحريم يؤثر في ذهنية النشء، وسوء الإدارة المدرسية وعدم وعيها بالرسالة التربوية لا التعليمية فقط سببان رئيسان في انتقال العنف من شكل إلى آخر أكثر قسوة.

تخريب المدرسة وتسليمها لأنصاف التربويين سبب رئيس لما نشهده في تربية أجيال على العنف والتنمر والنظر إلى الآخر على أساس التمييز الاجتماعي والطائفي.

فما معنى أن يشكو لك طفلك على مائدة الغداء بأن زميلا له سأله عن مذهبه أو أصله، أو أنك تلقيت اتصالا من المدرسة يطلب منك الحضور بسبب مشاجرة تعرض لها ابنك أو ابنتك.

لنلتفت إلى ما يحدث داخل أسوار المدارس بعيدا عن الكتب والواجبات، ففيها الكثير مما يجيب عن أسئلتنا المُحيِّرة !

back to top