إسبانيا تواجه أزمة دستورية بسبب كتالونيا

نشر في 27-10-2017
آخر تحديث 27-10-2017 | 00:09
 إيكونوميست تُعتبر حركة الاستقلال الكتالونية بإتقانها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وسياسات الهوية مواكبةً لكل ابتكارات القرن الحادي والعشرين، لكن الفصل الأخير في صراعها مع الحكومة الإسبانية شمل أداة قديمة: تبادل رسائل بالفاكس. في هذه الرسائل، رفض رئيس الحكومة الكتالونية كارلس بوتشدمون مرتين هذا الأسبوع توضيح إعلان الاستقلال الغامض، الذي أصدره و"علّقه" في الحال في خطابه أمام برلمانه في العاشر من أكتوبر، أو الرجوع عنه، فردت الحكومة الإسبانية أنها ستسعى إلى الحصول على صلاحيات فائقة لتفرض حكم الدستور على كتالونيا.

سيطلب رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي من مجلس الشيوخ الآن الموافقة على اللجوء إلى المادة 155 من الدستور. تمنح هذه المادة، التي لم تُستخدم سابقاً، الحكومة صلاحيات تخولها اتخاذ "كل التدابير الضرورية لإرغام" مقاطعة كتالونيا على الالتزام بالدستور.

منذ الأول من أكتوبر، اتخذ راخوي خطوات أكثر إتقاناً، فقد أقنع بيدرو سانشيز، زعيم المعارضة الاشتراكية، بتأييد استخدام المادة 155 مقابل دعم راخوي لجنة الكونغرس للإصلاح الدستوري، التي ستحاول التوصل إلى تسوية مع كتالونيا. بما أن الحزب الشعبي، الذي يرأسه راخوي، يحظى بالعدد الأكبر من المقاعد في مجلس الشيوخ ويتمتع بدعم حزب "المواطنون" اليميني الوسطي، تتطلب المادة 155 غالبية ساحقة.

في المقابل، يواجه بوتشدمون ضغوطاً متضاربة، كما يلحق السعي إلى الاستقلال الأذى بالاقتصاد: فقد نقلت أكثر من 700 شركة مقرها القانوني من كتالونيا خلال الأسبوعين الماضيين، كذلك تراجعت الحجوزات السياحية في برشلونة. يريد المعتدلون من بوتشدمون الدعوة إلى انتخابات إقليمية جديدة، في حين يطالب المتشددون بإعلان استقلال رسمي مدعوم بحملة من العصيان المدني. وقد تحدث هذه الخطوات الثلاث كلها.

حصل المتشددون على دعم إضافي في السادس عشر من أكتوبر عندما أمر قاضي المحكمة الوطنية في مدريد باعتقال قائدَي حركتين اشتراكيتين انفصاليتين لإعادة محاكمتهما. يخضع هذان الزعيمان للتحقيق بتهمة التحريض على العصيان عند توجيه تظاهرة في برشلونة في شهر سبتمبر عمد المتظاهرون فيها إلى تحطيم ثلاث آليات تابعة للشرطة.

ساعدونا لأننا نتعرض للقمع

غرّد بوتشدمون: "من المؤسف أننا نرى مجدداً معتقلين سياسيين في إسبانيا". تظاهر عشرات الآلاف في برشلونة ضد عمليات الاعتقال هذه، صحيح أن القضاء مستقل، إلا أن الانفصاليين يؤكدون أن "الدولة الإسبانية" تتكتل ضدهم. يذكر المستشار السياسي خورخي غاليندو: "المسألة ليست بهذه البساطة. يتبنى المدعون العامون وبعض القضاة مواقف أكثر تشدداً من الحكومة".

تشير عمليات التوقيف هذه إلى احتمال تباطؤ تطبيق المادة 155 على أمل أن تخبو التظاهرات، لكن الدرب ما زال محفوفاً بالمخاطر، وخصوصاً في كتالونيا، فرغم ادعاء بوتشدمون، فإنه ما من دليل على أن الانفصال مطلب الغالبية. قبل أيام كتب ماريوس كارول، محرر صحيفة La Vanguardia في برشلونة: "لا تكمن المشكلة الرئيسة اليوم في الانقسام بين كتالونيا وإسبانيا بل في الشقاق بين الكتالونيين أنفسهم"، ولن ينجح التمادي القضائي في مدريد في إخفاء هذا الواقع طويلاً.

back to top