مَن يتحكّم في سياسة الولايات المتحدة الصينية؟

نشر في 24-10-2017
آخر تحديث 24-10-2017 | 00:06
 ريل كلير أمام روبرت لايتثيزر، الذي عُيّن أخيراً ممثل الولايات المتحدة التجاري، سنة ليتحقق من الادعاءات بشأن ممارسات الصين التجارية غير العادلة، إذ يعتبر كثيرون هذه الخطوة أهم ما أقدمت عليه إدارة ترامب لتطبيق أجندتها التجارية، لكن هذا التحقيق لا يشكّل مجرّد توجّه جديد في سياستنا الاقتصادية، بل يمثّل التبدّل الأخير في التنافس المتواصل بين القادة في مجالات الأعمال، والجيش، والسياسة في سبيل البروز على الصعيد الوطني في هذه المسائل.

أشرفت إدارة ترامب منذ توليها السلطة على تبدلات بنيوية كبيرة في الائتلافات التي تشكّل سياسة الولايات المتحدة الخارجية، ويتزامن هذا التحقيق مع عملية تطهير أنصار الليبرالية الدولية، التي برزت خصوصاً في وزارة الخارجية مع رحيل أعداد كبيرة من الموظفين الواسعي الخبرة، نتيجة لذلك، لن يتبقى سوى عدد قليل من المسؤولين الرفيعي الشأن للدفاع عن أهمية البنية الدولية بصفتها الإطار المناسب لتسوية الخلافات.

في الماضي كانت التبدلات البنيوية الكبيرة في السياسة الخارجية تؤدي إلى تداعيات مهمة، لطالما ضم الائتلاف الأميركي في السياسة الخارجية نخباً سياسية، وعسكرية، واقتصادية، لكن تراتبيته وصلاحياته تبدلت من حين إلى آخر. فخلال الحرب الباردة مثلاً، كان للجيش اليد الطولى، وكان ينسّق أعماله عن كثب مع النخب السياسية، في حين أدت نخب عالم الأعمال دوراً ثانوياً.

ولكن بعد الحرب الباردة، تبدلت هذه التراتبية مع انتقال الجيش إلى المرتبة الثالثة عندما تخطت المصالح التجارية مخاوف الأمن القومي أهميةً، وهكذا تحوّلت الأسس الاقتصادية إلى القوة المحركة الرئيسة في الشؤون الخارجية، وارتبط نجاح القيادة السياسية بنجاح مجتمع الأعمال.

رد الفعل تجاه خيبة الأمل

تأخذ رواية إدارة ترامب السياسية الجديدة في الحسبان مخاطر تقديم الدعم الاقتصادي للصين وتعكس خيبة أمل من عملية بناء المؤسسات الدولية، فلم ترَ الإدارة أي إشارات إلى أن المصالح التجارية الخاصة الراسخة ستنجح في نهاية المطاف في تحدّي الحزب الحاكم في الصين. على العكس تعتقد أن النمو السريع أتاح للصين التوحد وللحزب الشيوعي بسط سلطته كقائد بلد متبدّل اقتصادياً.

بدل دعم نظام عالمي ليبرالي، يبدو أن الصين تعمل على بناء نظام عالمي يقوم على مبادئها الخاصة، فقد أكّد وزير الدفاع جيم ماتيس وغاري كون أن السعي وراء الأمن ببناء نظام عالمي من الأمم الديمقراطية ليس سوى سراب.

لكن مجموعة الضغط التجارية في الإدارة الأميركية تدرك مخاطر تحويل الصين إلى عدو في حرب باردة، لذلك تتردد في خوض حرب تجارية معها، وتتساءل هذه المجموعة: إذا اتخذ ترامب خطوات أحادية الطرف، فما الذي يمنع صانعي السياسات الصينيين من إطلاق عملية أحادية الطرف لتطبيق الفقرة 301؟ ارتكزت مقاربة بكين حتى اليوم على حمل مشاكلها مع السياسة التجارية الأميركية إلى منظمة التجارة العالمية، إلا أنها تخسر غالباً، وتعي مجموعة الضغط التجارية أننا إذا خرجنا عن المتعارف عليه، فستحذو الصين حذونا.

ما من أحد يجلس إلى الطاولة ليُظهر استمرار أهمية النظام العالمي، فقد أُبعد الجناح السياسي الدولي، وفي المستقبل ستنشأ الخلافات في مجال السياسة الخارجية بين قطاعَي الأعمال والجيش، وإذا تعرّض مجتمع الأعمال الأميركي للهزيمة، فقد نعود إلى خطاب الحرب الباردة المألوف وسياسات الاحتواء التي تغذي العداء بين واشنطن وبكين.

* هيلتون روت

* «ريل كلير وورلد»

back to top