تقطيعنا دويلات وأقاليم

نشر في 21-10-2017
آخر تحديث 21-10-2017 | 00:03
 مشاري ملفي المطرقّة الدول العربية من أكثر الدول التي واجهت أطماعاً على مر التاريخ، ومخطط تقسيمها وتفتيتها إلى دويلات وأقاليم عرقية وطائفية وعشائرية ليس جديداً، إنما هو حلم طالما داعب الدول الاستعمارية الكبرى من بريطانيا العظمى وفرنسا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتم تطبيق هذا المخطط من خلال اتفاقية "سايكس بيكو" التي أدت إلى تغيير معالم المنطقة وظهور دولة الكيان الصهيوني على حساب احتلال الأراضي الفلسطينية.

وعادت مؤامرة التقسيم للظهور مرة أخرى في عام 2003 بالغزو الأميركي للعراق والذي أدى إلى إشعال الصراعات وانتهى الأمر بإعلان إقليم كردستان الانفصال، وكذلك تشجيع الغرب ووقوفه إلى جانب جنوب السودان إلى أن انفصل عن الشمال، ثم النفخ في شرارة ما يسمى بـ"الربيع العربي"، الذي أدى إلى تقسيم سورية إلى مناطق للنظام وأخرى للمعارضة وثالثة يسيطر عليها "داعش" تمهيداً لتقسيمها فعلياً على أرض الواقع، وكذلك الحال في اليمن وليبيا ولبنان، الأمر الذي يؤكد أن تلك المؤامرة حقيقية وقادرة على تغيير خريطة المنطقة.

ولعل أسوأ السيناريوهات التي من الممكن أن تحدث في عالمنا العربي والإسلامي هو أن تنشأ دويلات على أساس ديني وطائفي، الأمر الذي سيؤدي إلى إشعال حروب وصراعات لا تنتهي، وليس هذا بعيداً عن الواقع الذي نعيشه الآن في العراق، والذي يستعد لمعركة طاحنة بين القوات الحكومية وقوات إقليم كردستان في ظل اختفاء دور المنظمات الدولية كالأمم المتحدة التي فقدت السيطرة على العالم، وفشلت في حل الأزمات التي أكلت الأخضر واليابس في العراق وسورية واليمن وليبيا، كما أن الولايات المتحدة الأميركية التي تسيطر على مقاليد الأمور في الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية يتراجع نفوذها في المنطقة الآن لمصلحة الدب الروسي الذي يخوض حرباً بالوكالة لمصلحة النظام السوري.

وفي مقابل التفكيك والتقسيم الذي يشهده عالمنا العربي على أيدي أبنائه ودعوات الانفصال التي ترفع شعارات زائفة عن التحرر وحقوق الأقليات، فإن إسرائيل تستغل الوضع المشتعل بالمنطقة لتزيد من توسعاتها الاستيطانية في محاولة لتهجير الفلسطينيين وطمس هويتهم، كما تعمل بعض الدول الإقليمية على النفخ في فتيل الصراعات الطائفية والمذهبية ومساندة الجماعات التي تدين لها بالولاء ودعمها بالمال والسلاح لإحداث المزيد من الزعزعة والفوضى في دولنا العربية.

إن عالمنا العربي يئن من مشاكل مستعصية تركت دون حلول على مدار عقود من الزمان منها الفقر والفساد وغياب العدالة وتهميش الأقليات، وعدم احترام حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية، ولكن هذا يجب ألا يكون بأي حال من الأحوال حجة للانقسام أو الانفصال والاستقلال وتغيير الحدود التاريخية التي رسمت بدماء آلاف الضحايا الشرفاء، إنما علينا جميعاً أن ندعو إلى الوحدة والحوار وتقديم التنازلات من جميع الأطراف، وعلينا أيضاً أن نقاوم ولا نترك الساحة للجماعات الانفصالية التي تريد إضعافنا أو الجماعات الإرهابية التي تكفرنا، حتى نعبر بسفينة عالمنا العربي إلى بر الأمان.

back to top