«داعش» لم يُهزم وسيعود

نشر في 20-10-2017
آخر تحديث 20-10-2017 | 00:03
 نيو ستاتسمان انهارت الرقة بسرعة أكبر مما تخيل الجميع، ففي غضون أربعة أشهر فقط، حررت القوات الديمقراطية السورية، بدعم جوي غربي، معظم المدينة من تنظيم داعش، وكانت الرقة، التي اعتبرت عاصمة الخلافة المزعومة الفعلية، تخضع لحكم "داعش" المحكم، إلا أنها ظلت محوراً ناشطاً مليئاً بالحياة المدنية، وبالنسبة إلى مجموعات المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى "داعش"، كان هذا كافياً تقريباً ليجعلهم ينسون فضائل الحياة الآخرة.

شكّل سقوط المدينة بين أيدي القوات الديمقراطية السورية ضربة قاسية جداً لـ"داعش"، وخصوصاً بعيد خسارته قاعدته الرئيسة الأخرى، الموصل، في الجانب العراقي، ورغم ذلك تبقى رسالة هذا التنظيم عدائية كما في السابق، فقد نشر زعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي في شهر سبتمبر رسالة مصوّرة مدتها 46 دقيقة يثني فيها على جهود المقاتلين في الموصل. صحيح أنهم خسروا المدينة لكن البغدادي يشدد على أن هذا لم يحصل إلا بعدما ضحوا بلحمهم ودمهم، "لذلك هم معذورون"، حسبما يضيف.

لنتأمل في حدثين مهمين: الأول أسر جنديين روسيين أخيراً في محافظة دير الزور شرق الرقة، إذ اعتُبر هذا الانتصار الدعائي الصغير (عُرض الجنديان على وسائل التواصل الاجتماعي على تطبيق "تيليغرام") دليلاً على مواصلة "داعش" إقدامه العسكري.

لكن الحدث الأهم على الأرجح ادعاء "داعش" أن ستيفن بادوك، الأميركي البالغ من العمر 64 سنة الذي قتل ما لا يقل عن 58 شخصاً في حفل موسيقي في لاس فيغاس في العاشر من أكتوبر، نفّذ الهجوم باسم هذا التنظيم، ولكن بما أن دوافع بادوك لا تزال مجهولة، لا تعتبر الولايات المتحدة ادعاءات "داعش" عالية المصداقية.

من بين أشد مؤيدي "داعش" ياسر إقبال، محام من برمنغهام، فقد نشر إقبال أخيراً سلسلة من الرسائل الصوتية من داخل الرقة تحت الاسم المستعار "أبو آدم البريطاني"، ورسم في تلك الرسائل صورة الخلافة المتداعية مع إخفاق "داعش" في وقف تقدّم مقاتلي القوات الديمقراطية السورية المتواصل.

جاءت حملة القصف الجوي التي شنها الغرب على الرقة عنيفة جداً، حتى إن الكلاب والقطط زاد وزنها، وفق إقبال، لكثرة ما نهشت من "لحم البشر الموتى" لأن المقاتلين في الرقة يعجزون عن دفن القتلى، ولا شك أن رسالته هذه موجهة إلى المسلمين في الغرب وتشكّل نداء لحشد القوى.

رغم كل الضغوط العسكرية التي يواجهها "داعش" وتجديده التركيز على شبكة الإنترنت، يبقى هذا التنظيم قوة فاعلة على الأرض، فمع انسحابه من الرقة، كما في الموصل، يخلّف وراءه إرثاً من الدمار، حسبما أفاد كوينتين سومرفيل. وما من خطة مارشال لإعادة بناء البنية التحتية المدنية في سورية والعراق أو تحفيز اقتصاديهما الراكدين، علاوة على ذلك، لن تزول الكثير من المشاكل المتجذرة عميقاً والقائمة على التوتر الطائفي والإثني المعتمل، وعدم الثقة الشعبية، والحرمان، وغياب الأمن العام. ساهمت كل هذه المشاكل في ظهور "داعش" في المقام الأول، وقد تفاقمت نتيجة الصراع الحالي.

على غرار الحركات المليارية الأخرى، يملك "داعش" متسعاً من الوقت، ويرضى هذا التنظيم بركوب حركة المد والجذر في التيارات العالمية، تماماً كما فعل بعد عام 2007 حين تعرض سلفه للهزيمة في العراق، فقد اكتفى حينذاك، كما اليوم، بالانسحاب وانتظار الفرصة ليعاود الظهور.

يدرك أبو بكر البغدادي جيداً هذا الواقع ويُعدّ العدة اليوم لعودة الدولة الإسلامية، فضلاً عن الدعوة لزيادة الاعتداءات في الغرب حوّل الانتباه في رسالته المسجّلة في شهر سبتمبر إلى أولئك الأقرب إليه.

قال البغدادي: "لن تعطيكم تركيا والصحوة (في إشارة إلى المجموعات التي تعمل مع الغرب) شيئاً، ولولانا لكنتم أسوأ حالاً".

* شيراز ماهر

back to top