ريال سبق مليون ريال

نشر في 20-10-2017
آخر تحديث 20-10-2017 | 00:06
 محمد العويصي في سنة 1987م عندما كنت معلما لمادة التربية الإسلامية في مدرسة الشويخ المتوسطة بنين سابقا (عبدالعزيز حسين حاليا) وزعت هدايا بسيطة على تلاميذ الصف الأول المتوسط، وكانت الهدية عبارة عن مسطرة توضح كيفية الوضوء، وأخرى كيفية الصلاة.

تشجيعا لهم على تقدم مستواهم العلمي، وحثهم على الصلاة، وكم كان لهذه الهدية البسيطة من أثر طيب في نفوس التلاميذ، وإدخال السرور على قلوبهم، ورسم الابتسامة على شفاههم، وكما قال عليه الصلاة والسلام "تهادوا تحابوا".

والشيء بالشيء يذكر فقد قرأت قصة جميلة أعجبتني كثيرا من مذكرات رجل الأعمال السعودي "الراجحي" وإليكم القصة:

كنت طالبا فقيرا بحيث عجزت عن الاشتراك برحلة مدرسية، قيمة الاشتراك فيها ريال واحد فقط، وبالرغم من بكائي الشديد وإلحاحي على أسرتي، لكن أسرتي لم تكن تملك الريال، وقبل يوم من الرحلة أجبت إجابة صحيحة عن أحد الأسئلة فقام المعلم بمكافأتي بريال مع تصفيق حار من الطلاب، فاشتركت في الرحلة مسرعا وكانت تغمرني سعادة كبيرة وشعور لا يوصف من الفرحة.

وبعد ذلك غادرت المدرسة إلى الحياة، وبعد سنوات من العمل وفقني الله بخير كثير، وعرفت العمل الخيري، وتذكرت ذلك المعلم الفلسطيني، فذهبت إلى جهات التعليم وإلى المدرسة باحثا عنه حتى عرفت طريقه، فالتقيت به ووجدته في حالة صعبة بلا عمل، وبعد التعارف، قلت له يا أستاذ: لك في ذمتي دين كبير، هل تذكر طالبا أعطيته ريال، وبعد فترة تذكر المعلم وتأمل في وجهي ثم قال: نعم نعم، وهل تبحث عني لتعطيني الريال، فقال له الراجحي نعم، وبعد نقاش أركبته معي في السيارة، وذهبنا إلى فيلا جميلة، ونزلنا بداخلها، وقلت له يا أستاذي هذا سداد دينك، الفيلا مع تلك السيارة، وراتب مدى الحياة، وتوظيف ابنك في الشركة، ذهل المعلم وقال هذا كثير جدا، فقال الراجحي: صدقني إن فرحتي بريالك وقتها أكثر بكثير من 10 فلل من هذه الآن، وما زلت أتذكر جيدا فرحتي بريالك إلى الآن.

من خلال هذه القصة الرائعة نستخلص الفوائد التالية:

- تشجيع المعلم للطالب له أثر كبير في نفسيته وتحصيله العلمي، كما أن للهدية قيمة كبيرة في نفوس الطلاب.

- رد الجميل وحب الخير للناس ومساعدتهم وإدخال السرور على قلوبهم من الأعمال التي يحبها الله سبحانه وتعالى، فكم من المعلمين تركوا أثرا طيبا في نفوس طلابهم وخصوصا هذا المعلم الفلسطيني.

- تذكر معلمينا الذين درسونا في الماضي نوع من الوفاء والتقدير لهم، وفي كل عام يحتفل العالم بيوم المعلم العالمي لمكانة هذا المعلم وعظيم دوره في تربية وتعليم النشء.

فهنيئا لك أيها المعلم هذا التقدير المعنوي، ونحن بانتظار التقدير المالي الذي يليق بمكانة المعلم فهل من مجيب؟

* آخر المقال:

في 5 أكتوبر اليوم العالمي للمعلم نفاجأ بنقص شديد في المعلمين، بسبب إنهاء خدمات المعلمين الوافدين من دون بديل أو تخطيط!

back to top