كردستان تستحق دعم الولايات المتحدة

نشر في 15-10-2017
آخر تحديث 15-10-2017 | 00:10
 ريل كلير ينطق الاقتراع والذي وصلت نسبته إلى 72% وتأييد 93% من الأصوات للاستقلال في استفتاء شهر سبتمبر بات جلياً أنه يسعى بالتأكيد إلى التحرر من جمهورية العراق، فقد جاء تصويت الأسبوع الماضي في هذا الإقليم، الذي يتمتع باستقلال ذاتي، حاسماً وأظهر أن أكراد البلد مصممون على المضي قدماً في سعيهم إلى تحديد مصيرهم بأنفسهم، مما يذكرنا بسعينا المماثل قبل نحو 200 سنة.

ورغم ذلك جاء رد فعل الولايات المتحدة مقتضباً، فقد أعلنت وزارة الخارجية أن استقلال كردستان يعوق جهود إنزال الهزيمة بـ"داعش"، مع أننا نقاتل جنباً إلى جنب مع الأكراد أنفسهم ومع أنهم أثبتوا أنهم قوة عالية التنظيم والفاعلية.

نظراً إلى تقاليدنا المتّبعة وتاريخ العراق وكردستان الحديث فإن علينا أن نأخذ في الاعتبار على الأقل مزايا استقلال كردستان الاستراتيجية المحتملة.

لا شك أن التأكيد أن استقلال كردستان سيعوق الجهود الرامية إلى إنزال الهزيمة بالتطرف الإسلامي، ويقلل من أهمية مساهمات كردستان الحالية في تلك القضية بالذات، ويشير إلى خضوع مفرط لرغبة الحكومة العراقية، فمن الممكن لدولة كردستان القوية والمستقلة أن تدعم جهودنا بتعزيز دور قوة البشمركة المقاتلة الكردية كمشارك كامل في الائتلاف المعارض لداعش.

في الإطار عينه قد يساهم الأكراد في مصالحة الإسلام مع قيم القرن الحادي والعشرين، وبخلاف ما نراه في مختلف أجزاء الشرق الأوسط يروّج الأكراد لصيغة علمانية من الإسلام يبقى فيها الدين منفصلاً عن الدولة وتتيح لأديان عدة بأن تزدهر، علاوة على ذلك ستشكّل دولة كردستان المستقلة قوة تصدٍّ أخرى لسعي إيران للهيمنة على الشرق الأوسط.

أخيراً، رغم الخطاب السياسي الحاد بين الطرفَين، شهدت الروابط التجارية الكردية مع تركيا تنامياً في الآونة الأخيرة. إذ بنى أكراد العراق خط نفط عام 2013 يرتبط بمرفأ تركي على البحر الأبيض المتوسط، كذلك وقّعوا صفقات طاقة عدة مع شركات تركية، وإذا تطوّر هذا الرابط الاستراتيجي كفاية لاستبدال العراق بتركيا كشريك الأكراد الاقتصادي الرئيس، فقد يؤدي إلى استقرار أكبر.

علاوة على ذلك قد تشكّل علاقة مماثلة وسيطاً أفضل لمصالح الولايات المتحدة الإقليمية، مقارنةً بشراكة واشنطن مع حكومة العبادي غير الفاعلة، لكن السؤال الذي ينشأ: هل تسمح تركيا باستمرار التجارة مع دولة كردستانية مستقلة؟ ثمة عداوة طويلة داخل تركيا مع أكراد تركيا، وما زال حزب العمال الكردستاني، الذي صنفته تركيا والولايات المتحدة كلتاهما منظمة إرهابية، يسبب العنف والاضطراب داخل تركيا، فهل من الممكن إقناع أنقرة بالتمييز بين هذا الحزب ودولة كردستان العراق السابقة المستقلة؟ ربما لا، ولكن لا ضرر من المحاولة.

يشبه الوضع الكردي كوسوفو، ففي تلك المنطقة نجحت ثقافة الإثنية الألبانية في الانفصال عن صربيا السلافية، التي رفضت صراحة التخلي عنها، بعدما حلت اتفاقية دايتون الصراعات في يوغوسلافيا سابقاً، فبين كوسوفو وصربيا اختلافات إثنية وثقافية شبيهة بما يفصل الأكراد عن سائر العراق، كذلك يفتقر هذان الطرفان إلى القيم، والتاريخ، والاصطفاف الثقافي المشتركة التي نراها بين كاتالونيا والمقاطعات الإسبانية الأخرى.

نظراً إلى غياب النجاح في الشرق الأوسط وإلى حجم التضحيات من الأرواح والإرث الوطني التي استثمرتها الولايات المتحدة في تلك المنطقة منذ عام 2003، على قادة سياستنا الخارجية، على ما يبدو، خوض مناظرة مفتوحة وشاملة في كل المسائل والعوامل المرتبطة بالاستقلال الكردي قبل التوصل إلى الخلاصة النهائية.

* «فرانسيس روني»

back to top