تقويض الحياة النيابية!

نشر في 13-10-2017
آخر تحديث 13-10-2017 | 00:10
الطعن والتشكيك ونسب الاستجواب المقدم من النائبين رياض العدساني وعبدالكريم الكندري لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء إلى أطراف خارجية، هي أدوات نواب الحكومة والمدفوعين بأوامرها، خصوصا في مجلس 2009، والتصريح الأخير مقتبس حرفياً من النواب الممهورين بختم الحكومة أو من انقلبوا على المعارضة وانكشفوا بعد ذلك.
 د. حسن عبدالله جوهر تصريح بعض نواب المعارضة «السابقة» بأن الاستجواب المقدم من النائبين رياض العدساني وعبدالكريم الكندري لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء هدفه "تقويض" الحياة البرلمانية والسياسية من أطراف خارجية مثير للشفقة، ولا يعكس سوى أحد تطبيقات لحس المبادئ أو تأكيد وجود صفقات سياسية رخيصة.

فمن حق أي نائب أن يعارض أي استجواب ويكفل له الدستور أن يقف تحت سقف البرلمان متحدثاً ضد الاستجواب وتفنيد محاوره، وما أكثر المعارضين للاستجوابات منذ بداية العهد الدستوري عام 1963، وأضعف الإيمان أن يبين "النواب الحكوميون على استحياء" اعتراضهم على الاستجواب من باب توقيته الزمني أو مواءمته السياسية لكن بشرط إثبات أهمية الأولويات الأخرى أو المصالح العامة في المقابل وفرص تحقيقها.

لكن الطعن والتشكيك ونسب الاستجوابات إلى أطراف خارجية فهي أدوات نواب الحكومة والمدفوعين بأوامرها، خصوصا في مجلس 2009، فهذا التصريح الأخير مقتبس حرفياً من النواب الممهورين بختم الحكومة أو من انقلبوا على المعارضة وانكشفوا بعد ذلك، والأمر لا يتحمل سوى تفسيرين: إما يكون هذا الاتهام صحيحاً، ومعنى ذلك أن المعارضة منذ 2009 كانت فعلاً تدار بواسطة أطراف خارجية هدفها تقويض الحياة البرلمانية، وإما أنه وسيلة رخيصة ذات مقابل لضرب المستجوبين وخلط الأوراق على عوام الناس! وهذا التصريح أعطى الشرعية لكل ما قيل عن المعارضة وساهم في تأليب الرأي العام ضدها حتى ضربت بقسوة وتلاشت، بل يسعى إلى القضاء على ما تبقى منها.

هذا الانقلاب السياسي في المواقف مرده نظام الصوت الواحد الذي "ركّع" الكثير ضد مواقفهم المبدئية، ولم يبق مكسب مضمون سوى كرسي البرلمان خصوصا ممثلي الأحزاب والتيارات، فلن يكونوا ممثلين للشعب، حيث لا يمكن أن يتجرأ هؤلاء النواب بمثل هذه التصريحات في ظل الأصوات الأربعة لأن الصفعة الشعبية تكون مؤلمة وقتها!

مع ذلك نتمنى من باب الشفافية والمصداقية أن يتحفنا معارضو الاستجوابات وفي مؤتمر صحافي علني بالصفقة السياسية مع الحكومة التي قد تكون أنفع للبلد وللناس بدلاً من المساءلة، خصوصاً بعد اللقاءات الخاصة والمتكررة التي جمعتهم بأقطاب الحكومة، فهل المهادنة السياسية سيقابلها إلغاء القوانين الجائرة المصادرة للحريات وملاحقة المغردين والحرمان السياسي؟ وهل ستتراجع الحكومة عن قرار زيادة الأسعار وفرض الرسوم والضرائب؟ وهل يقدم لنا الحكوميون الجدد خطة الحكومة القادمة بشأن محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين ووقف المهازل في التعيينات القيادية والرواتب الخيالية "للمستشارين" الأجانب؟ وهل سترفع الحكومة الحظر عن الرياضة الكويتية؟ وهل هناك خطة تنمية واعدة عمودها الفقري الشباب؟ لعل هذه الصفقات تشفع للتصدي للاستجوابات أو على الأقل تحفظ ما تبقى من ماء الوجه للوعود الانتخابية العنترية! لكن إذا لم يكن أي تبرير من هذا القبيل فإن ذلك يكشف حقيقة الأطراف الفعليين وراء ضرب المعارضة الوطنية وتفريغ الحياة النيابية من الداخل!

back to top