ضغط الدم... هل مخاطر انخفاضه كبيرة؟

نشر في 11-10-2017
آخر تحديث 11-10-2017 | 00:02
No Image Caption
توصي التوجهات الصحية بأن يكون ضغط الدم الانقباضي 140 مليمتراً زئبقاً أو أقل في معظم الحالات. ولكن تشدّد اكتشافات جديدة على ضغط الدم الانبساطي، أي الرقم الثاني في قياس ضغط الدم.
من بين الرقمين اللذين تحصل عليهما عندما تقيس ضغط دمك، يحظى الأول عادةَ (ضغط الدم الانقباضي) بالاهتمام الأكبر. يعود ذلك إلى أن الشرايين تفقد مرونتها مع التقدم في السن، فضلاً عن أن جدرانها الداخلية تعاني على الأرجح تراكم الصفيحات المحملة بالكولسترول، فتساهم عوامل مماثلة في رفع ضغط الدم الانقباضي، الذي يشير إلى الضغط داخل الشرايين عندما ينقبض القلب ليضخّ الدم في الجسم.

توصي التوجيهات الراهنة بضرورة أن يكون ضغط الدم الانقباضي 140 مليمتراً زئبقاً أو أقل في معظم الحالات. لكن تجربة سريرية لاقت رواجاً كبيراً السنة الماضية شددت على أن خفض هذا الضغط إلى 120 مليمتراً زئبقاً قد يكون له تأثير أكبر في الحد من المخاطر المرتبطة بارتفاع ضغط الدم (وخصوصاً النوبة القلبية، والسكتة الدماغية، وقصور القلب، والوفاة).

لكن بلوغ هذا الهدف المتدني من ضغط الدم يتطلّب تناول ثلاثة أدوية لخفض ضغط الدم كمعدل، ما يؤدي بالتأكيد إلى مزيد من التأثيرات الجانبية. كذلك سلطت أخيراً دراستان تقومان على المراقبة الضوء على بعض المخاوف بشأن تدني ضغط الدم الحاد، خصوصاً ضغط الدم الانبساطي. يشير ضغط الدم هذا (وهو الرقم الثاني في قياس ضغط الدم) إلى الضغط بين النبضات عندما يكون القلب في حالة راحة.

انخفاض الانبساطي: غياب الأعراض

الدكتور بول كونلن، بروفسور متخصص في الطب في كلية الطب في جامعة هارفارد ورئيس القسم الطبي في نظام الرعاية الصحية في بوسطن، يذكر في هذا المجال: «عندما ينخفض ضغط الدم الانقباضي بحدة، تشمل أعراضه الدوار، والإغماء، والضغف. لكنّ انخفاض ضغط الدم الانبساطي لا أعراض له».

حللت إحدى الدراستين الجديدتين السجلات الطبية لأكثر من 11 ألف شخص بالغ على مدى ثلاثة عقود، واكتشفت أن احتمال ملاحظة إشارات طفيفة إلى الإصابة بضرر في القلب يزداد بنحو الضعف بين مَن يعانون انخفاض ضغط الدم الانبساطي (بين 60 و69 مليمتراً زئبقاً)، مقارنة بمن يتراوح ضغط دمهم الانبساطي بين 80 و89 مليمتراً زئبقاً. كذلك ارتبط انخفاض الدم الانبساطي بارتفاع خطر الإصابة بمرض القلب والموت جراء شتى الأسباب. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة كلية طب القلب الأميركية.

شملت الدراسة الثانية، التي نُشرت في مجلة «لانست»، أكثر من 22 ألف شخص يعانون مرض القلب. وزع الباحثون المشاركين على مجموعات وفق أرقام ضغط دمهم. أما مَن تمتعوا بضغط دم مضبوط جيداً (يتراوح ضغط دمهم الانقباضي بين 120 و129 مليمتراً زئبقاً وضغط دمهم الانبساطي بين 80 و89 مليمتراً زئبقاً)، فشكلوا مجموعة الضبط التي اعتمدها الباحثون لمقارنة النتائج.

لا عجب في أن احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو دخول المستشفى جراء قصور القلب، أو الوفاة ارتفع بين مَن عانوا ضغط دم انقباضياً مرتفعاً (140/80 أو أعلى)، مقارنة بمجموعة الضبط. لكن مَن عانوا ضغط دم منخفضاً (ضغط دم انقباضي أقل من 120 مليمتراً زئبقاً وضغط دم انبساطي أقل من 70 مليمتراً زئبقاً) واجهوا أيضاً المخاطر عينها مع النوبات القلبية، وقصور القلب، والوفاة.

«المنحنى J»

تدعم ظاهرة «المنحنى J» المرتبطة بضغط الدم النتائج السابقة، علماً بأن الجزء السفلي من هذا المنحنى يمثّل مدى ضغط الدم المثالي. صحيح أن الأرقام العالية تزيد خطر الإصابة بمشاكل قلبية وعائية، إلا أن الأمر عينه ينطبق أيضاً على الأرقام المنخفضة.

تبدو هذه الاكتشافات بشأن انخفاض ضغط الدم الانبساطي محيرة. لكن الدكتور كونلن يعتبرها منطقية وبديهية. يُقاس ضغط الدم الانبساطي خلال مرحلة في الدورة الدموية يتدفق خلالها الدم في الشرايين التاجية التي تغذي القلب. وإن كانت هذه الشرايين مسدودة بسبب تراكم الدهون (كما في حالة مرضى القلب)، ينخفض ضغط الدم خلف المناطق المسدودة، فيما يجتاز الدم المجاري المتضيقة. نتيجة لذلك، لا يحظى جزء من عضلة القلب بمقدار كافٍ من الدم، فيعاني القلب نقصاً في الأوكسجين والمواد المغذية، ما يؤدي إلى ضعفه ويجعله أكثر عرضة للأذى.

نتيجة لهذا الخطر المحتمل، على مرضى القلب أن يحرصوا على ألا ينخفض ضغط دمهم الانبساطي إلى ما دون الـ70 مليمتراً زئبقاً بكثير، علماً بأن هذا ما يحدث غالباً عندما يحاول المريض خفض ضغط دمه الانقباضي، وفق الدكتور كونلن، الذي يضيف: «عندما أحدّد الهدف المرجو مع ضغط الدم الانقباضي، أكتفي بـ130 مليمتراً زئبقاً» لأن الانخفاض إلى ما دون ذلك قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية سلبية ونتائج عكسية.

لكن الدكتور كونلن يشجّع الأطباء على مناقشة قرارات مماثلة مع المرضى، لا سيما أن كل مريض حالة خاصة. ولا يعود ذلك إلى تاريخه العائلي فحسب، بل إلى مدى استعداده أيضاً لتناول مزيد من الأدوية والقبول بالمخاطر الإضافية التي ترافقها. لذلك ينصحك الدكتور كونلن بألا تتردّد في استشارة طبيبك بشأن مقاييس ضغط الدم الملائمة لحالتك.

دراستان سلطتا الضوء على مخاوف بشأن تدني ضغط الدم الحاد خصوصاً الانبساطي
back to top