نقص التأكسج يُعزز عمل الخلايا القاتلة للسرطان

نشر في 07-10-2017
آخر تحديث 07-10-2017 | 00:02
No Image Caption
يشير بحث جديد إلى أن نوع العلاج المناعي الذي يقوم على زرع خلايا المريض التائية القاتلة في المختبر قبل شحذ قدراتها على تدمير السرطان وإعادتها قد يجعلها أكثر فاعلية، لأن هذه الخلايا تنمو في بيئة قليلة الأوكسجين.
في تقرير نُشر في مجلة Cell Reports، يكتب باحثون من معهد ويزمان للعلوم أن اكتشافهم يعزِّز قدرة العلاج المناعي على محاربة الأورام الصلبة، التي تشكّل تحدياً للخلايا التائية ويصعب عليها قتلها.

الخلايا التائية، التي تُعرف أيضاً باللمفاويات التائية السامة للخلايا، نوع متخصص من كريات الدم البيضاء تُدعى الخلايا التائية من نوع CD8+، وهي تُعتبر «الجنود المشاة في جهاز المناعة».

تقتل اللمفاويات التائية السامة للخلايا مباشرةً الخلايا المتضررة، وخلايا السرطان، والخلايا المصابة بالفيروسات وغيرها من ممرضات.

يوضح غاي شخار، باحث بارز في الدراسة وبروفسور في معهد ويزمان، أن الخلايا التائية تشكّل العامل الرئيس في علاج السرطان المناعي، «إلا أنها لا تنجح أحياناً في التخلّص من الخباثة».

لكنه يؤكد «أننا بزراعة هذه الخلايا التائية في بيئة قليلة الأوكسجين نحوّلها إلى خلايا قاتلة أكثر فاعلية».

خلايا تتحمّل تراجع الأوكسجين

في الوقت الراهن، يحقِّق علاج السرطان المناعي الذي يعزِّز خلايا المريض التائية القاتلة الفاعلية الكبرى في مواجهة بعض أنواع ابيضاض الدم وسرطان الغدد اللمفاوية، غير أن فاعليته تتراجع عند مواجهة الأورام الصلبة التي تكون معدلات الأوكسجين فيها متدنية.

تتراوح معدلات الأوكسجين داخل الأورام الصلبة، التي تُقاس وفق نسبة الغاز الذائب في السائل المحيط بالخلايا، بين 0.5% و5%. ويُعتبر هذا المعدل أدنى مما نلاحظه في معظم الأعضاء الحية وأدنى بكثير من نسبة الـ20% التي تُستخدم عادةً في زراعة الخلايا في حاضنات المختبر.

لا يبدو أن تراجع معدل الأوكسجين يعوق عمل خلايا الأورام. على سبيل المثال، لا يحول دون امتصاصها الغلوكوز، الذي يشكّل مصدر وقودها الرئيس، وحرقه.

لكن بيئة الأورام التي تفتقر إلى الأوكسجين لا تناسب الخلايا التائية القاتلة. ويشير الباحثون إلى دراسات عدة تقدّم أدلة على هذا الواقع.

على سبيل المثال، يبدو أن مناطق الأورام المنخفضة الأوكسجين تجذب خلايا أخرى تستطيع أن تعوق عمل الخلايا التائية القاتلة، مثل «البلاعم المرتبطة بالأورام والشبيهة بنمط M2» و«الخلايا التائية المنظمة».

علاوة على ذلك، تعزِّز الجيوب المنخفضة الأوكسجين في الأورام عملية أيض الغلوكوز اللاهوائية، ما يؤدي إلى بيئة عالية الحموضة تحدّ من نشاط الخلايا التائية القاتلة.

تحسّن رفض الأورام وفرص النجاة

أظهرت دراسات سابقة أن نمو الخلايا التائية القاتلة في بيئة منخفضة الأوكسجين يحسّن قدرتها على قتل الخلايا الأخرى في المختبر. ولكن قبل هذا البحث الجديد في مختبر البروفسور شخار، ما كانت قدرتها على قتل السرطان دُرست.

في الدراسة الجديدة، أجرى الفريق التجارب على زراعة الخلايا التائية القاتلة في المختبر في بيئة تبلغ نسبة الأوكسجين فيها 1%، ثم قارنها بخلايا نمت مع نسبة أوكسجين تصل إلى 20% كما في السابق.

اكتشف الباحثون أن الخلايا التائية القاتلة التي واجهت نقص التأكسج خلال نموها كانت أكثر فاعلية في مهاجمة خلايا الأورام الميلانينية السرطانية المزروعة، مقارنةً بالخلايا التائية القاتلة التي نمت في نسبة الأوكسجين المعتادة.

في الوقت عينه، زرع الفريق في مجموعة من الفئران خلايا أورام تحت الجلد. وعندما تشكلت الأورام بعد سبعة أيام، حقن الباحثون بعض الفئران بخلايا تائية قاتلة نمت في بيئة قليلة الأوكسجين والبعض الآخر بخلايا تائية نمت في ظروف عادية، في حين بقيت أخرى من دون علاج.

اكتشف الباحثون أن الفئران المعالجة بخلايا تائية قاتلة نمت في بيئة قليلة الأوكسجين، أو «اللمفاويات التائية السامة للخلايا المنقوصة التأكسج»، تحلت «بتحسّن أكبر في رفض الأورام وفرص النجاة»، مقارنةً بالمجموعتين الأخريين.

ضربات الخلايا المنقوصة التأكسج فتاكة

عندما تأمل الباحثون عن كثب الخلايا التائية القاتلة المنقوصة التأكسج، اكتشفوا أنها لا تخترق بالضرورة الورم بعمق أكبر، إلا أنها امتلكت أسلحة أكثر فاعلية في قتل خلايا الأورام.

تحمل الخلايا التائية القاتلة عدداً من الأسلحة لمهاجمة خلايا السرطان، من بينها إنزيم مدمّر يُدعى «غرانزيم-ب» تغلّفه في «حبيبات». تطلق الخلايا هذه الحبيبات في خلايا السرطان بعدما تحدث فيها ثقوباً مستخدمةً بروتيناً يُدعى «برفورين».

اكتشف الفريق أن الخلايا التائية القاتلة المنقوصة التأكسج تحتوي على العدد ذاته من الحبيبات، كما الخلايا التي نمت في ظروف عادية، وتطلقها بالفاعلية ذاتها، إلا أنها تغلّف في كل حبيبة كمية أكبر من الغرانزيم-ب من دون أن تنتج المزيد من البرفورين».

بكلمات أخرى، صحيح أن الخلايا التائية القاتلة المنقوصة التأكسج تسدِّد العدد ذاته من اللكمات، كما الخلايا العادية، إلا أن كل لكمة أكثر فتكاً.

شبّه البروفسور شخار الخلايا التائية القاتلة المنقوصة التأكسج بمتسلقي الجبال الذين يعتادون مستويات الأوكسجين المتدنية. ويتابع موضحاً: «كما أن التدرّب في المناطق الشديدة العلو عن سطح البحر يعزِّز قدرة الإنسان على التحمّل، كذلك يسهم «برنامج اللياقة» الذي تخضع له الخلايا التائية القاتلة، على ما يبدو، في تعزيز صلابتها».

يشير البروفسور وزملاؤه إلى أن من الضروري الآن إثبات فاعلية طريقتهم هذه في حالة البشر. وإذا حققت النجاح ذاته، تقدّم إذاً وسيلة مباشرةً لتحسين فاعلية العلاج المناعي في مواجهة الأورام الصلبة.

يختم البروفسور شخار: «في العلاج المناعي الخلوي، نحتاج إلى استئصال الخلايا التائية وزراعتها خارج الجسم في مطلق الأحوال. وتُعتبر زراعتها في بيئة قليلة الأوكسجين عملية سهلة نسبياً، إلا أن هذا التعديل البسيط في البروتوكولات السريرية المعتمدة قد يحسّن إلى حد كبير فاعلية العلاج».

الخلايا التائية القاتلة تحمل عدداً من الأسلحة لمهاجمة خلايا السرطان
back to top