لمَ الاستفتاء بشأن استقلال كاتالونيا غير شرعي؟

نشر في 02-10-2017
آخر تحديث 02-10-2017 | 00:09
 إيكونوميست بعدما أنهت حكومة كارلس بوتشدمون الكاتالونية الإقليمية استعدادها لإجراء استفتاء أحادي الجانب بغية الانفصال عن إسبانيا، تدعي هذه الحكومة أن الاستفتاء ملزم قانونياً. سيُسأل الكاتالونيون عما إذا كانوا يودون تشكيل جمهورية مستقلة، ولكن ثمة مشكلة: منح دستور إسبانيا الديمقراطي لعام 1978، الذي وافق عليه أكثر من 90% من المقترعين الكاتالونيين، هذه المناطق استقلالاً ذاتياً كبيراً، إلا أنه أكّد "عدم تفكك وحدة الأمة الإسبانية"، والبرلمان الإسباني وحده قادر على تغيير الدستور؛ لذلك يُعتبر استفتاء بوتشدمون غير قانوني، ويبدو رئيس الوزراء الإسباني المحافظ ماريانو راخوي مصمماً على منع حدوثه.

تُعتبر كاتالونيا ذات الـ7.5 ملايين نسمة (16% من مجموع السكان) وتؤمن 19% من الناتج الوطني الإجمالي، إحدى أغنى مناطق إسبانيا، وهي تشكّل جزءاً لا يتجزأ من هذه الدولة منذ القرن السادس عشر (ومملكة أراغون قبل ذلك)، مع أنها تملك لغة وثقافة مختلفتين. حتى وقت ليس ببعيد كان القوميون الكاتالونيون راضين بالحكم الذاتي، لكنّ هناك تطورَين اجتماعيين لتعزيز دعم الاستقلال: أولاً، رفضت المحكمة الدستورية في إسبانيا أجزاء من الوضع الجديد تمنح كاتالونيا المزيد من الاستقلال الذاتي. ثانيا والأهم من ذلك أن السياسيين القوميين في برشلونة نجحوا في توجيه الغضب الشعبي الناجم عن التقشف نحو مدريد والذي تلا انفجار فقاعة قطاعَي الإسكان والمال في إسبانيا عام 2009، كذلك فازت الأحزاب التي تنادي بالاستقلال في الانتخابات الإقليمية بهامش ضيق عام 2015، ورغم اختلاف أطيافها، من القوميين البرجوازيين إلى أنصار الفوضى المناهضين للرأسمالية، اتحدت هذه الأحزاب حول مطالبتها بالاستفتاء، الذي تصفه بـ"حق تقرير المصير"، وفي مطلع هذا الشهر مررت في البرلمان الكاتالوني على عجل قانوناً ينص على إجراء استفتاء وآخر يطالب، إذا جاءت النتيجة مؤاتية بغض النظر عن نسبة الإقبال على الصناديق، بإعلان فوري للاستقلال وأحادي الطرف.

اكتشف مستطلعو الرأي التابعون للحكومة الكاتالونية نفسها أن 70% من الكاتالونيين يريدون إجراء استفتاء حول مستقبل هذه المنطقة، إلا أن النسبة تتراجع إلى 48% إذا لم توافق الحكومة الإسبانية على هذه الخطوة، ولا شك أنها ترفضها بشدة، ويشير مستطلعو الرأي ذاتهم إلى أن دعم الاستقلال يتراجع ببطء ويبلغ راهناً 41%. يعتمد راخوي على المحاكم لوقف هذا الاستفتاء، مشدداً على أن حكم القانون أساسي للديمقراطية، فقد علّقت المحكمة الدستورية القانونَين. كذلك ألقى الحرس المدني القبض على 14 شخصاً بارزين، معظمهم من المسؤولين الكاتالونيين المعنيين بتنظيم الاستفتاء، وصادر 9.8 ملايين ورقة اقتراع، ورغم ذلك يصر بوتشدمون على المضي قدماً في الاستفتاء، ويعتمد في ذلك على الحشد الشعبي: تظاهر عشرات الآلاف ضد عمليات الاعتقال في برشلونة، ولكن من الصعب اعتبار عملية التصويت هذه أكثر من مجرد استشارة غير رسمية، على غرار ما شهدناه عام 2014، فلن يصوّت معظم رافضي الاستقلال، وإذا توجه الـ2.3 مليون كاتالوني، الذين صوتوا عام 2014، حسبما يُفترض، إلى صناديق الاقتراع، فسيعلن بوتشدمون الانتصار.

تخفي هذه المواجهات وراءها حالة من الجمود، ولا يتمتع بوتشدمون بالدعم الشعبي أو الخارجي الكافي لفرض الاستقلال، لكن رهان راخوي على أن ينجح الوقت والتعافي الاقتصادي في تهدئة كاتالونيا أخفق، فما زالت غالبية الكتالونيين مستاءة من الوضع القائم. ويستوجب استياؤهم رداً سياسياً لا قانونياً فحسب. قريباً ستشهد كاتالونيا على الأرجح انتخابات إقليمية جديدة، ووافقت الحكومة الإسبانية على مناقشة تغييرات دستورية وغيرها بغية تعزيز ارتباط كاتالونيا بإسبانيا؛ لذلك يُعتبر الحوار ضرورياً، ولكن في جو تؤججه المواجهة، لن يكون هذا الحوار سريعاً ولا سهلاً.

back to top