ارتفاع أسعار النفط لا يرجع كله إلى خفض الإنتاج

«أوبك» لم تصل إلى شاطئ الأمان بعد وقد تنتظرها مفاجآت

نشر في 29-09-2017
آخر تحديث 29-09-2017 | 20:00
No Image Caption
من المؤكد أن تسعة أشهر من خفض الإنتاج من قبل «أوبك» وأصدقائها أسهمت في رفع الأسعار غير أن من الخطأ أن نعزو تحسن خام برنت بنسبة 16 في المئة منذ الثلاثين من شهر أغسطس إلى هذه السياسة وحدها، كما أن ذلك يزيد من مخاطر قيام الوزراء باتخاذ قرارات خطأ في الأشهر المقبلة.
أسعار النفط تتعافى وقد تكون أضرار الأعاصير في الولايات المتحدة وقوة نمو الاقتصادات أبعدت في نهاية الأمر مسألة القبول بأسعار نفط متدنية في المستقبل.

تلك هي الحكاية لكنها لا تعكس الصورة الكاملة. ففيما تشعر منظمة "أوبك" والدول الأخرى، التي خفضت إنتاج النفط بارتياح كبير لوصول سعر برنت إلى عتبة الـ 60 دولاراً للبرميل، يتعين عليها في الوقت ذاته توخي الحذر إزاء من يرجع جانب كبير من هذه الحصيلة إليه، وعليها أن لا تخفف من قيود الإنتاج فهي لم تصل إلى شاطئ الأمان بعد.

في الأسبوع الماضي اقترب سعر خام برنت من نحو ستين دولاراً ، ويبدو هذا أنه هدف أوبك غير الرسمي (في الوقت الراهن على الأقل) على الرغم من أن سعر الأساس بالنسبة الى نفط غرب تكساس الوسيط أقل كثيراً عن ذلك.

ومن المؤكد، أن تسعة أشهر من خفض الإنتاج من قبل المجموعة وأصدقائها أسهمت في رفع الأسعار، غير أن من الخطأ أن نعزو تحسن خام برنت بنسبة 16 في المئة منذ الثلاثين من شهر أغسطس الى هذه السياسة وحدها، كما أن ذلك يزيد من مخاطر قيام الوزراء باتخاذ قرارات خطأ في الأشهر المقبلة.

تجار وتنفيذيو النفط الذين يجتمعون في سنغافورة هذا الأسبوع يركزون بقدر أكبر على وضع الاقتصاد العالمي والقوة الناجمة عن زيادة الطلب بقدر يفوق تركيزهم على خفض الإنتاج.

وأحد الأشياء، التي تميز قوة أداء الاقتصاد في هذه السنة هو أنها ترتبط بكل الدول. صحيح أن الانتعاش الاقتصادي قد يكون قوياً بشكل خاص في الدول الناشئة في آسيان لكن ذلك يمتد إلى أبعد من ذلك بما فيها الدول المتقدمة، الولايات المتحدة وفي أوروبا. وكان ذلك الانتعاش جلياً بشكل خاص في الطلب على ما يعرف بالمشتقات الوسيطة– الديزل وزيت التدفئة ووقود الطائرات – وعلى منتجات البتروكيماويات.

وتؤكد معلومات الأسبوع الماضي من إدارة معلومات الطاقة الأميركية ذلك مع ارتفاع الطلب على التقطير بنسبة 9 في المئة حتى الآن في هذه السنة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، كما أن المخزون هبط لأقل من معدله في خمس سنوات في معلومات الأسبوع الماضي.

وهبط مخزون وقود الطيران إلى أقل من معدله في خمس سنوات في شهر يوليو ويسير البنزين في الاتجاه نفسه.

ويضاف إلى ذلك الإشارة إلى نمو إنتاج النفط الأميركي قد قدر بأكثر مما يجب ومن السهل رؤية سبب تحول المشاعر بعيداً عن "الأدنى لفترة أطول" نحو إعادة التوازن.

لكن يتعين علينا توخي الحذر، لأن هناك عوامل في الأجل القصير تجاهلناها في هذه المشكلة.

إن الاضطراب، الذي لحق بالمصافي الأميركية نتيجة إعصار هارفي كان عاملاً كبيراً في حفز التصحيح في المخزون الاستراتيجي للبلاد، وقد هبط مستوى النفط الخام في المصافي بحوالي ثلاثة ملايين برميل في اليوم أو 17 في المئة أقل من المستوى الطبيعي في الأسابيع الثلاثة التي انتهت في 15 سبتمبر الجاري، مما قلص إنتاج المصافي والبنزين.

لكن العاصفة كان لها تأثير أصغر وأقصر على إنتاج النفط، الذي هبط بنحو 750 ألف برميل يومياً بعدها لكنه استعاد معظم ذلك في الأسبوعين التاليين.

وبالنسبة إلى إعادة التوازن الإجمالي في السوق كان السبب هو حجم الخام الذي جاء من باطن الأرض وليس من المصافي وهو الشيء الأكثر أهمية.

وقد لا يكون للاستفتاء على استقلال اقليم كردستان العراق تأثيره الفوري على إمدادات النفط لكنه تذكير في محله بأن الحوادث السياسية المثيرة للاضطراب في الشرق الأوسط لا يمكن مطلقاً تجاهلها.

وأخطار الاستقرار السياسي في المنطقة يمكن أن ترفع بسهولة أسعار النفط كما حدث الأسبوع الماضي والعكس صحيح. ومن شأن التصويت الذي أفضى الى تفويض بالاستقلال أن يؤثر على الإمدادات لكن هذا التأثير سوف يعتمد على ردة فعل الدول المجاورة في المنطقة. لقد هددت تركيا بإغلاق أنبوب تصدير النفط الوحيد إلى الأسواق الذي ينقل600 ألف برميل يومياً عبر كردستان العراق.

وإذا نفذت تهديدها، فإن ذلك سوف يساوي خفض إنتاج منظمة "أوبك" بنسبة النصف كما سيسرع بالتأكيد من اعادة توازن السوق.

هل يستمر تحسن الخام؟

إذا ظل النمو الاقتصادي قوياً، فإن الطلب على النفط قد يستمر في التفوق على العرض ويقلص ببطء من فائض المخزون. وسوف يتحول التركيز على التخمة إلى القلق على النقص الوشيك.

وفي حقيقة الأمر، فإن سيتي غروب ومجموعة ترافيغورا وصلتا إلى تلك النقطة، وتبدو صورة الطلب العالمي واعدة: وترى وكالة الطاقة الدولية أنه سوف ينمو بـ 1.6 مليون برميل يومياً في هذه السنة مرتفعاً عن تقديرات شهر يونيو للنمو بأقل من 1.3 مليون برميل في اليوم.

ولكن ذلك التحسن في نمو الطلب يأتي بصورة تامة من مراجعة هابطة لاستخدام النفط في السنة الماضية، وليس نتيجة زيادة في كيف تفكر وكالة الطاقة الدولية حول استهلاك العالم في هذه السنة. ومع عدم وجود مراجعة مماثلة هابطة لإمداد النفط في السنة الماضية، فإن ذلك قد يعني فقط وجود زيادة أكثر في المخزون بقدر يفوق ما كان يعتقد في السابق.

ويتعين نقل ارتفاع أسعار الخام إلى محطات البنزين، مما سيزيد من تكلفة قيادة السيارات، التي كانت هي أصلاً أعلى من مستويات السنة الماضية، وهذا وحده سوف يخفض نمو الطلب إضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار النفط على التضخم.

ثم هناك الزيت الصخري. فرغم أن أسعار النفط في الولايات المتحدة

ما زالت أقل كثيراً من 60 دولاراً للبرميل لكنها عالية بما يكفي لتشجيع بعض المنتجين على البدء بتوقع أسعار أعلى للعام المقبل وتحسين الاستثمار.

وعندما تجتمع منظمة "أوبك" وأصدقاؤها في نهاية شهر نوفمبر المقبل قد لا يكون قرارهم حول مستقبل اتفاقية الانتاج مسألة سهلة. وفي ذلك الوقت سوف يتبقى أمامهم أربعة أشهر للمضي، لذلك علينا ألا نتفاجأ إذا قرروا عدم تحريك الأمور وترك القرار الرسمي بشأن الخطوة التالية إلى اجتماع آخر في مطلع العام المقبل. وقد علمنا الماضي القريب أن وضع السوق يمكن أن يتغير بصورة دراماتيكية في أربعة أشهر.

ردود الفعل تجاه الاستفتاء الكردي قد تعزز عودة التوازن إلى السوق
back to top