نقطة: يللا خلنا نطير

نشر في 23-09-2017 | 00:14
آخر تحديث 23-09-2017 | 00:14
 فهد البسام هو ليس سباقاً لكتابة المراثي، أو استعراض الألفاظ والكلمات المعبرة عن حالة الأسى والفقد والكآبة... إلى آخر قاموس الأحزان المعتاد. هي حالة يتم استيعابها ببطء ورويّة، وخصوصاً إذا ما كان الراحل ممن يصعب تصديق فقدانهم، فهناك صنفان من البشر ينكر الناس رحيلهما في البداية، ويتعذر عليهم إدراكه بسهولة، من يكرهونه كرهاً عظيماً ومن يحبونه حباً جماً، وأنت من النوع الثاني وبجدارة لا مثيل لها.

الإنسان منا يموت بالتدريج الممل، تتآكل روحه بفقده لما يحب ويهوى، وكلما ازدادت قائمة المفقودات؛ تسربت حياته من بين يديه دون أن يشعر بها. قد يستمر الجسد بالحركة والتنفس، ولكن العبرة بالروح، لذا فقد يكون حزننا عليك اليوم في حقيقته هو حزناً على أنفسنا، يؤلمنا غيابك الجسدي، نعم، والقائمة طالت بفقدانك أكثر من المتوقع، وهذا أمر غير مبشر، إلا أنه، وفي نفس الوقت، مازال فينا منك الكثير الذي لن يرحل. زادت القائمة، لكنك موجود، فكل منا بداخله أنت صغير، وهذا هو سبب تشوُّشنا وارتباكنا وحيرتنا اليوم، رحلت عنا ومازلت حاضراً بيننا، لا يمر يوم واحد على أي منا دون أن يستعيد به أحد تعليقاتك المرحة، أو يتذكر لمحاتك الذكية، كما عودناك دائماً، ذهبت ومازلت هنا، فإن قال أحدهم إنك لم تؤثر به فهو كاذب، أو قال آخر إنه لم يقلدك يوماً فهو أكذب من سابقه، أما من قال إنك لم تضحكه فهو أكذب منهما.

ما الكويت غير الدستور ودرب الزلق؟!

ولكل منهما بداياته وناسه ورجاله، وإن كانت نهايتهما واحدة، كما يبدو حتى الآن، الدستور نظم الحياة على هذه الأرض، وأنت أرّخت لنا مراحلها ومحطاتها المهمة وأضحكتنا عليها وعليهم وعلى أنفسنا، ففي مجتمع متخم بالمال والنفاق، خالٍ من الأحلام والألوان، كانت رسائل التمرد في طيات أعمالك هي النقطة الأبرز والأهم، تهكمك الواضح حيناً والخجول أحياناً، على كل السلطات السياسية والاجتماعية والتجارية والدينية، تمردك عليها وسخريتك من أفكارها وممارساتها هو ما جعلك أكثر قرباً منا ومن حياتنا اليومية، وزادك خلوداً بيننا، فحين أردت شراء الأهرام هم باعونا الأوهام، فصرت قريباً منا، وهم صاروا بصف فؤاد بيه ابن سعيد باشا، ولم تتخلَّ عن طبعك هذا، حتى في يوم رحيلك، فكنت مخالفاً لما يريدون ويتوقعون، حين جمعت الفُرقاء والأضداد حولك، ليودعوا ضحكتهم الأخيرة.

back to top