اجتياز الأسد الفرات رسالة أميركية إلى الأكراد

نشر في 20-09-2017
آخر تحديث 20-09-2017 | 00:10
دبابة عسكرية تابعة للقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في بلدة بصرى التي يسيطر عليها المتمردون، درعا
دبابة عسكرية تابعة للقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في بلدة بصرى التي يسيطر عليها المتمردون، درعا
امتناع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حتى الآن، عن إصدار أي تصريح رسمي يشرح طبيعة الاتفاق مع روسيا، الذي سمح لجيش الرئيس السوري بشار الأسد بعبور نهر الفرات إلى الضفة الشرقية في دير الزور، يخفي - وفق أوساط أميركية - نيات تتجاوز ملف العلاقة مع أكراد سورية.

فما يجري على ضفتي الحدود السورية والعراقية يشمل تفاهمات تمس ملف الاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان العراق بعد أيام، والعلاقة مع تركيا ودورها في شمال كل من سورية والعراق أيضاً.

بعض المصادر العسكرية يتحدث عن اتفاق جرى تنسيقه بشكل مباشر بين القيادتين العسكريتين الأميركية والروسية، في أعقاب «القصف العَرَضي» الذي شمل وحدات من «قوات سورية الديمقراطية»، يوم الجمعة الماضي، فيما بدا رسالة متعددة الوظائف والاتجاهات إلى الأكراد، سواء في سورية أو العراق، وصولاً إلى مناطق انتشارهم الإقليمية في تركيا وإيران أيضاً.

وتقول تلك المصادر إن واشنطن، التي أعلنت بشكل لا لبس فيه معارضتها إجراء الاستفتاء في هذه المرحلة، ليست مستعدة لفتح ملف الدولة الكردية الذي يهدد باشتعال ملفات لا تبدو الولايات المتحدة مستعدة للدخول في تعقيداتها، في ظل استنفار إقليمي غير مسبوق، في حين أن غبار المعارك لم ينقشع بعد، سواء في سورية أو العراق.

ولا تزال أولويات السياسة الأميركية، التي وضعها الرئيس السابق باراك أوباما في هذين البلدين، هي نفسها مع إدارة ترامب. واشنطن لا تزال ترى أن أولوية القضاء على الإرهاب، وإنهاء وجود تنظيم داعش وكافة الفصائل الإسلامية المتشددة، وتطهير كامل الحدود المشتركة بين البلدين، لا يضاهيها أي وعود أو أولويات أخرى.

ولعل إعادة إمساك الحدود السورية مع العراق، عبر الجيش السوري، جزء من المعادلة الثلاثية التي وزعت الأدوار على القوى الإقليمية المعنية بإنجاز هذا الملف، حتى لو تمت الإطاحة بوعود أغدقت على بعض اللاعبين المحليين. ويبدو دخول القوات التركية المتوقع إلى إدلب جزءاً من هذا التوافق الدولي والإقليمي على منع تحقيق حلم «الدويلة» الكردية، أينما كان.

وتقول المصادر إن رسالة التطمينات التي أرسلت إلى أنقرة من واشنطن قبل أشهر، حول مستقبل ودور وأسلحة القوات الكردية التي تقاتل «داعش»، يجري تنفيذ مفاعيلها على الأرض بشكل مباشر، مع امتناع «البنتاغون» أيضاً عن التعليق على أنباء الحشود التركية شمال سورية، سوى بالقول إن تركيا هي عضو وحليف رئيس في «الناتو»، وإن تحركاتها لا تقلق واشنطن في تلك المنطقة، مادام الهدف هو إنهاء سيطرة تنظيم النصرة أو جبهة تحرير الشام المحسوبة على تنظيم القاعدة.

وفي اعتقاد تلك الأوساط أن تسهيل واشنطن قطع التواصل الجغرافي بين أكراد العراق وسورية، وكذلك بين أكراد سورية أنفسهم عبر الجدار العسكري والجغرافي الذي تقيمه تركيا، هو رسالة مباشرة، قبل أيام من موعد الاستفتاء.

وتستطرد بالقول إن واشنطن لم ولن تصل إلى حد إنهاء علاقتها الاستراتيجية مع أكراد العراق، إلا أنها مستاءة من سوء قراءة قيادتهم لتعقيدات المشهد السياسي، الذي يلقي بظلاله في لحظة تشابك المصالح الدولية والإقليمية. وعن تمدد إيران في تلك المنطقة وإعلان قادتها أن «محور المقاومة» يقترب من النصر على الإرهاب، ونجاحها في وصل خط التواصل من طهران إلى بيروت، ترى تلك الأوساط أنه لا ضرورة للاستعجال في إطلاق استنتاجات عن أوضاع ستكون متغيرة على الدوام. ومع تثبيت تركيا «الحليفة» لمواقعها في سورية المفككة، لا يمكن لأحد أن يتكهن بتطور الظروف السياسية والميدانية في ظل احتفاظ كل الأطراف بأدواتهم وجماعاتهم فوق أرضها.

back to top