ضرائب ورسوم و... وصفقات تسلح مليارية!

نشر في 20-09-2017
آخر تحديث 20-09-2017 | 00:10
مع سباق التسلح المُرعِب الذي تزداد تكاليفه المالية عاماً بعد آخر تبقى منطقتنا بؤرة توتر دائم ينطبق عليها المثل الشعبي الشهير "جاك الذيب جاك وليده"، وهو ما يرجح استمرار الحروب الدائرة حالياً في المنطقة لأمد طويل، أو اندلاع حروب عبثية جديدة.
 د. بدر الديحاني في الوقت الذي تعد حكومات دول مجلس التعاون الخليجي العدة لتنفيذ نظام ضريبي غير عادل اجتماعياً، وذلك على شكل فرض ضرائب جديدة سواء مباشرة على الدخل أو غير مباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، فضلاً عن زيادة رسوم الخدمات العامة أو فرض رسوم جديدة تحت ذريعة ترشيد الإنفاق وتنمية الإيرادات العامة غير النفطية، فإنها على الجانب الآخر تعقد صفقات تسلح ضخمة قيمتها مليارات الدنانير مع مصانع الأسلحة الأميركية والأوروبية، وهو ما يعني، في واقع الأمر، أن ما يُسمّى «ضرائب ورسوم جديدة» هو مجرد جباية أموال من جيوب المواطنين يذهب معظمها، كما ذكرنا من قبل، إلى مصانع الأسلحة الغربية التي تعاني أزمة مالية وإلى وكلائها المحليين الذين يراكمون أرصدتهم المالية من دون مقابل على شكل ضرائب تصاعدية على الدخل والأرباح والثروة، وتوفير فرص عمل للمواطنين.

والمثير للتساؤل هنا هو مدى حاجة دولنا إلى هذا الكم الهائل من الطائرات المقاتلة حديثة الصنع، والمعدات والأجهزة العسكرية المتطورة التي تنشر وسائل الإعلام الأرقام الفلكية لصفقاتها، خصوصاً أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر حليفا استراتيجيا لأميركا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، كما ترتبط بمعاهدات واتفاقيات وتفاهمات عسكرية سواء مع أميركا أو مع كبرى الدول الأوروبية أو الجهتين معاً، بل ترسو في مياهها أساطيل أجنبية ضخمة، وتوجد على أراضيها قواعد عسكرية أجنبية تتحمل نسبة كبيرة من تكاليفها المالية، بعضها، مثل القاعدة الأميركية الجوية في قطر، تعتبر أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج الولايات المتحدة (لدى قطر أيضاً وجود عسكري تركي)، وإذا ما أضفنا لما سبق صغر مساحة دول مجلس التعاون، باستثناء السعودية، فلنا أن نتخيل حجم المساحة الجغرافية التي من الممكن أن تتحرك فيها طائرات مقاتلة متقدمة!

والأمر لا يتوقف عند موضوع المصروفات المالية الضخمة التي تستنزف الميزانيات العامة لدولنا، وقد تؤدي إلى تراكم الدين العام، وما يترتب على ذلك من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية ثقيلة تهدد استقرار الدول، فمع سباق التسلح المُرعِب الذي تزداد تكاليفه المالية عاماً بعد آخر تبقى منطقتنا بؤرة توتر دائم ينطبق عليها المثل الشعبي الشهير «جاك الذيب جاك وليده»، وهو ما يرجح استمرار الحروب الدائرة حالياً في المنطقة لأمد طويل، أو اندلاع حروب عبثية جديدة. ومع الحروب ما ينتج عنها من كوارث إنسانية وحالة عدم استقرار سياسي، فإن أي حديث عن خطط تنمية مستدامة أو ما يُسمّى رؤى اقتصادية طويلة المدى هو مجرد حديث إنشائي لا قيمة له على أرض الواقع.

back to top