«يا زين الكويت» (2)

نشر في 19-09-2017
آخر تحديث 19-09-2017 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي بعد المقال الأول الذي يحمل العنوان نفسه، والذي نشر في هذه الجريدة الغراء بتاريخ 5/ 9/ 2017 تلقيت عددا من الاتصالات والرسائل النصية وغيرها التي تؤكد في مجملها تأييدا ودعما لما حواه المقال من طرح في التركيز على الحب والولاء لهذا الوطن الغالي، والسعي الجاد من أجل التنمية والتطور بعيداً عن الإحباط والتشاؤم والنعيق.

وقد أكد بعض الإخوة والأصدقاء أن ذلك المقال جاء بالصميم، وفي اليوم التالي لنشره قرأت في جريدة "الأنباء" الرد الذي تفضل به معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح على عضو مجلس الأمة د. عبدالكريم الكندري لشرح الأسباب التي تؤدي إلى تأخر إقرار مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص وتوضيحها، وأرجع أسباب ذلك إلى تأخر الجهات الرقابية الممثلة بديوان المحاسبة وإدارة الفتوى والتشريع، وذلك لدراسة وثائق المشروع والجدوى النهائية والميزانية المقررة للمشروع، ووضع الشروط التي غالبا ما تكون عامل طرد للمستثمر سواء المحلي أو العالمي، إضافة لعدم توافر البنية التحتية مثل الماء والكهرباء.

لكم شعرت بالألم وأنا أقرأ ذلك الرد، وبدأ سيل من علامات الاستفهام يحاصر الذهن، فمع كل الاحترام والتقدير لتلك الجهات الرقابية والعاملين فيها، فهل يمكن أن تكون جهتان حكوميتان هما المتسبب في تأخر الوطن وعدم إقرار المشاريع؟ وهل يمكن أن تكون هاتان الجهتان أقوى من الحكومة، وتجاوزت قوتهما مجلس الأمة؟ أم أنها القوانين واللوائح التي عفى عليها الزمن، فلم تعد تتماشى مع التطور والنمو المنشود، وهنا يأتي دور مجلس الأمة مصدر التشريع، فهل يعقل أن يكون المجلس غير قادر على تغيير تلك القوانين واللوائح التي غدت تكبل عمل الجهات الرقابية؟

من ناحية أخرى وفي خضم ما تشهده المنطقة من تنافس محموم وهوس في تولي قيادة المنطقة سياسيا ودينيا واقتصاديا وغير ذلك من المجالات نستذكر تلك الفترة الزمنية المضيئة عندما كانت القيادة تأتي مطواعة للكويت دون أن تسعى إليها وفي كل المجالات بلا استثناء، ففي الرياضة "كان زرق الفنايل راكبين جمال تتهادى في الملاعب العالمية".

أما في الفن فنحن رواده بتلك المسرحيات والمسلسلات الرائعة والخالدة، وكان عالمنا العربي يتمايل طربا وبهجة وسرورا على أنغام حفلات أعيادنا الوطنية، يبثها الإعلام العربي بكل انتماءاته التي غدت اليوم منابر للحزن والألم وغرس الكراهية وصناعة الأعداء، وعرض مشاهد القتل والدمار، وسحب الأطفال من تحت الأنقاض، وانتشال الجثث من بين الأمواج، وتجميع الضحايا من سواحل البحار، وأصبح ينطبق عليها المثل القائل "يقتل القتيل ويمشي بجنازته".

لله درك يا كويت كانت الأوضاع غير الأوضاع عندما كانت القيادة في ركابك، فقد استوطن الأدب والثقافة أرضك، فكنت مهوى رجالات العالم العربي من مفكرين وأدباء ورجالات إعلام ومسرح وموسيقى، ومنهك صدرت مجلة "العربي" التي لم يصدر مثلها حتى الآن، وكانت ثانوية الشويخ ملتقى الشباب العرب من المغرب الغالي إلى سلطنة عمان الحبيبة.

كما كانت جامعة الكويت مصدر نور وإشعاع للعلم والمعرفة، واستقطبت أساتذة كراما من أمثال د. بطرس غالي ود. يحيى الجمل، ود. حسن الإبراهيم، ود. عزيز شكري، ود. وليد الخالدي، ود. عبدالله النفيسي، ود. حازم الببلاوي، ود. أحمد بو إسماعيل، ود. عبدالفتاح إسماعيل، ود. محمد ربيع، وغيرهم من خيرة رجالات عالمنا العربي، وكم نعتز ونفخر بأن نكون تلاميذ لتلك النخبة من رجال العلم.

وعلى قمة ذلك التميز الذي يحلق بالكويت فوق الثريا تأتي الديمقراطية الحقة والمتأصلة في ضمير الوطن ووجدانه منذ نشأته قبل أربعة قرون، إننا لا نبكي على الأطلال بل نبكي على ما آلت إليه أوضاعنا العربية.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top