The Teacher يقدّم درساً للمشاهد عن الفساد في المجتمع الشيوعي

نشر في 19-09-2017
آخر تحديث 19-09-2017 | 00:00
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
يعلّم المعلمون، إلا أن المسألة لا تقف عند هذا الحد. يعتبرهم الطلاب حكاماً مستبدين يسيطرون على مساحة الصف ووقته. أما الأهل، فيرون فيهم الحراس الذين يحددون مستقبل أولادهم.
وإذا أضفنا حبكة مثيرة للجدل إلى هذا التفاعل الأزلي، تكون النتيجة فيلم The Teacher المميز.
صحيح أن The Teacher صُوّر باللغة السلوفاكية، إلا أنه ثمرة جهود فريق تشيكي مخضرم ضم المخرج يان هريبيك والكاتب بيتر يارتشوفسكي، اللذين تعاونا معاً في Divided We Fall، الذي رُشح لجائزة أوسكار.

على غرار ذلك الفيلم، لا يقتصر تميّز The Teacher على صانعَي أفلام ينجحان في الجمع بين فهم متعدد الأوجه للطبيعة البشرية وتحكّم مذهل في التقنية والأسلوب، بل يشمل أيضاً إطار أحداثه التي تدور في زمن ومكان مميزين.

فيما دارت أحداث Divided خلال الحرب العالمية الثانية، تجري تطورات Teacher في مدينة براتيسلافا في عام 1983، حين كانت الشيوعية لا تزال قوية ومواجهة الحزب وأفراده من الأمور التي لا يُستهان بها.

تكمن قوة The Teacher في تفاعله بنجاح على مستويات متوازية. فعلى غرار الأفلام المميزة التي اعتادت دول أوروبا الشرقية تقديمها باستمرار خلال الحقبة السوفياتية، يجمع هذا العمل بين القصة التي تحركها الشخصيات والمخاوف الاجتماعية. هكذا نحصل، في هذه الحالة، على حكاية متقنة ذات مغزى عن نوع الفساد الذي يساهم في نشوئه مجتمع محظي يتحلى ظاهرياً بالمساواة الاجتماعية.

مقارنة معقدة

يبدأ The Teacher، الذي أتقن هريبيك ويارتشوفسكي رسم بنيته، بعرض مقارنة معقدة بين مجموعتين من الناس تلتقيان في أماكن مختلفة في مبنى المدرسة الضخم نفسه.

نتعرف أولاً إلى الرفيقة درازدوتشوفا، المعلمة التي ترحب بطلابها الجدد في المدرسة المتوسطة خلال اليوم الأول من العام الدراسي.

من الواضح أنها مدرّسة واسعة الخبرة، لطيفة، ومحترفة. تبدأ بالتعاطي مع الطلاب بطريقة مريحة تحدّ من التوتر، طالبةً من كل منهم أن يقف ويخبرها عن مهنة والده.

يعمل والد أحدهم مصفف شعر، الآخر ميكانيكي سيارات، والثالث محاسباً في خطوط الطيران التابعة للدولة. وتهز الرفيقة درازدوتشوفا رأسها مفكرةَ عند كل جواب وتدوّن المعلومات بدقة في دفترها الصغير.

يتأرجح The Teacher بين هذا المشهد في المدرسة ومشهد ليلي بعد أشهر: اجتماع بين مدير المدرسة وذوي أولئك الطلاب أنفسهم. يشكل هؤلاء الأهل مجموعة من البالغين القلقين والمنزعجين الذين يأتون من طبقات المجتمع المختلفة ولا قاسم مشتركاً بينهم سوى مدرّسة أولادهم.

يدرك بعض الأهل الهدف من هذا اللقاء، في حين يجهل آخرون ما يحدث. إلا أن الجميع يعرفون جيداً أن (أولاً) الرفيقة درازدوتشوفا لم تُدعَ إلى الاجتماع و(ثانياً) أنها أمينة سر الحزب الشيوعي في المدرسة، ما يعني أنها شخص نافذ لا يُستهان به.

أحداث ومجريات

فيما تتعاقب تطورات The Teacher بثبات ومهارة، عارضة أمامنا مجريات ذلك اللقاء وأحداثاً سابقة، ندرك السبب وراء هذا الاجتماع.

نكتشف تدريجياً أن الرفيقة درازدوتشوفا، التي تؤديها بإتقان عالٍ الممثلة زوزانا موريري (حازت جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كارلوفي فاري للأفلام)، تتلاعب بوقاحة وخبث بالنظام وتستغل بعبقرية مذهلة الطلاب والأهل على حد سواء.

يتبين أنها كانت تدوّن تلك المهن لتحسن استغلال أصحابها. تبدأ بمسائل بسيطة، مثل الطلب من مصفف الشعر قص شعرها مجاناً، إلا أنها لا تنفك تزداد تعقيداً. فتضغط مثلاً على موظف خطوط الطيران للمخاطرة بوظيفته بتمريره رزمة غير مشروعة إلى طاقم الطائرة بغية إيصالها إلى شقيقتها في موسكو.

يتلقى الأهل المتعاونون بشكل عرضي معلومات عن المواد التي قد يُمتحن بها أولادهم. أما الأهل الذين يصدونها، فيلاحظون أن أولادهم يقيَّمون بقسوة في المدرسة، يُهدَّدون بخسارتهم مستقبلهم الأكاديمي، ويُهانون علانية بلا رحمة.

مع تفاقم الوضع بين الأهل، الطلاب، والرفيقة درازدوتشوفا نحو منتصف الفيلم، يحدث الأمر عينه بين الأهل في ذلك اللقاء. ففيما يستشيط بعضهم غضباً وألماً حيال ما يعانيه أولادهم، يتساءل البعض الآخر: «ما الضرر في مساعدة أحدنا الآخر؟» ويصرو على أن الوضع برمته مبالغ فيه.

خاتمة ملائمة

ينجح صانعَا هذا العمل، اللذان أعلنا أنهما استوحيا القصة في جزء منها من 12 Angry Men ولا عجب في ذلك، في عرض تطورات الأحداث بمهارة وإبداع وصولاً إلى خاتمة ملائمة بدقة. وهكذا يحمل The Teacher عبرة لنا، إلا أنه يحقق هدفه هذا بأسلوب ممتع إلى أبعد الحدود.

back to top