نظام أيكولوجي عالمي للتعليم

نشر في 18-09-2017
آخر تحديث 18-09-2017 | 00:05
 بروجيكت سنديكيت يجتمع رؤساء الدول وكبار المسؤولين من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، التي يبلغ عددها 193 دولة في نيويورك في الشهر الحالي لمحاولة إحراز تقدم في أصعب التحديات الإنمائية في العالم، بما في ذلك ضمان التعليم الجيد للجميع.

إن التقدم في هذا المجال ليس مجرد ضرورة أخلاقية؛ فمن الحيوي أيضا وضع البلدان على الطريق نحو التنمية المستدامة، ولكن النجاح لن يكون سهلا، وسيتطلب ذلك استثمارات جديدة كبيرة في القيادة المحلية، وهي عنصر من عناصر العمل الإنمائي الدولي الذي نادرا ما يحظى بالاهتمام الذي يستحقه.

و"القيادة"، في هذه الحالة لا تعني بالضرورة شخصاً يتمتع بأعلى منصب في الحكومة أو مراتب الأعمال، بل تكون من خلال إجراءات تهدف إلى تحسين صلاحية المجتمع، ويمكن أن تأتي من أي شخص، لقد رأينا بشكل مباشر كيف يمكن لوجود مجموعة متنوعة من القادة المشاركين على جميع المستويات- المعلمون وأولياء الأمور والطلاب وصانعو السياسات والدعاة وغيرهم- أن يساعد في نجاح أو فشل جهود مجتمع أو بلد لتحقيق أكبر قدر من الفرص لتحسين نظام التعليم.

والخبر السار هو أن المربين والمدافعين عن التعليم في جميع أنحاء العالم الآن يدركون قيمة القيادة المحلية المستنيرة، وقد دعت اللجنة الدولية لتمويل فرص التعليم العالمية مؤخرا إلى زيادة الاستثمار في "نظام أيكولوجي عالمي للتعليم" والذي من شأنه أن يساعد في تقوية هذه القيادة، وينبغي لبقية المجتمع الدولي الاستجابة لهذه الدعوة.

وسيشمل النظام البيئي للتعليم العالمي شراكات جديدة بين المانحين الثنائيين والمتعددي الأطراف، والمجتمع الخيري، والمنظمات العالمية غير الربحية، وستعمل هذه الشبكة الديناميكية مع الجهات الفاعلة المحلية لدعم تقوية القيادة والابتكار، مع إنشاء قنوات جديدة فعالة لهؤلاء القادة لتبادل المعارف والخبرات والحلول عبر المجتمعات والبلدان.

وكما هي الحال هذا النوع من النظام التعليمي البيئي غير موجود، وبدلا من ذلك فإن نحو 17 مليار دولار من المساعدات الأجنبية الموجهة نحو التعليم تُرسل كل عام مباشرة إلى الحكومات المحلية أو المشغلين المحليين، وإن المنظمات الإقليمية أو العالمية التي يمكن أن تساعد في تطوير البنية التحتية للتعلم العالمي، ودعم التنمية القيادية بين أصحاب المصلحة المحليين، والمساعدة في إنشاء قنوات فعالة للمعرفة ونقل أفضل الممارسات بين المجتمعات، لا تتلقى أي استثمارات حقيقية.

وهذا يُعد فرصة ضائعة لأن الوعد الذي قطعته هذه النظم الأيكولوجية بالإسراع بالتقدم العام قد ثبت في مجالات أخرى، ولا سيما قطاع الصحة العامة، وعلى مدى السنوات الـ35 الماضية، بسبب وباء الأيدز العالمي، تضاعف عدد الشراكات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة على تعزيز الصحة العامة أكثر من أربع مرات، إلى أكثر من 200.

واليوم تهتم العديد من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في المشهد العالمي للصحة العامة، الذي يضم، إلى جانب العديد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ومنظومة الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية، شبكة فعالة تساعد في التقدم. هذا النظام البيئي الناضج، وإن كان ناقصا، ساعد بالتأكيد في تحسين حياة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم بل إنقاذ حياتهم.

هناك منظمة تساعد في دعم التنمية المستمرة للنظام الأيكولوجي للصحة العامة، وهي "النتائج من أجل التنمية"، التي تقود شبكة التعلم المشتركة للتغطية الصحية الشاملة، ومن خلال إنشاء وتعميق الروابط التي تمكن الممارسين وصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم من تبادل خبراتهم مع نظرائهم في أماكن أخرى، تساعد شبكة التعلم المشتركة في ضمان إحراز تقدم نحو تحسين تغطية الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم بشكل أسرع.

وهذا هو بالضبط نوع النهج المطلوب لتحقيق هدف المجتمع الدولي المتمثل بضمان توفير التعليم الجيد للجميع، وبالنظر إلى أوجه التشابه الملحوظة في أسباب عدم المساواة والتحديات التي تؤثر في التعليم عبر المجتمعات المحلية والبلدان، فإن تقاسم المعرفة بين القادة المحليين- ناهيك عن بناء القدرات الفعالة- يعد فعالا كما كانت عليه الحال في قطاع الصحة، ونحن بحاجة ببساطة إلى نظام أيكولوجي عالمي للتعليم لدعم هذه الجهود، ونحتاج إليه بأسرع ما يمكن.

وتتيح اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا الشهر فرصة مهمة لمحاولة تحقيق هذا الهدف، وإذا قمنا بزيادة الاستثمار المتعدد الأطراف الحالي في الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية في مجال التعليم غير الربحي حتى لو كان مبلغا صغيرا، يمكن للعالم أن يبدأ بتطوير نظام أيكولوجي مشترك لتعزيز الابتكار المحلي والتعلم وتنمية المهارات القيادية وبناء القدرات، وسنزيد بشكل كبير من احتمالات تحقيق التقدم في التعليم- رفاهيتنا الجماعية- التي نسعى إليها جميعا.

* ويندي كوب و دزينغاي موتمبوكا

* ويندي كوب هي الرئيسة التنفيذية والمؤسسة المشاركة لمنظمة التعليم الجميع، ودزينغاي موتمبوكا هو وزير التعليم السابق لزمبابوي ورئيس جمعية تنمية التعليم في إفريقيا.

«بروجيكت سنديكيت، 2017» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top