مأساة الروهينغا والضمائر الميتة

نشر في 16-09-2017
آخر تحديث 16-09-2017 | 00:10
 مشاري ملفي المطرقّة صُدِمت، كما الملايين، من المشاهد والصور القاسية التي يتم تناقلها لمسلمي الروهينغا الذين يتعرضون للحرق والقتل والتعذيب والتشريد على أيدي جيش منظم وميليشيات طائفية وعنصرية تضطهدهم وتحاول أن تبيدهم من على وجه الكرة الأرضية، وصدمت أيضاً لردود الأفعال الدولية الباهتة والتي لا ترتقي إلى هذا الحدث الجلل، حيث لم يحرك أحد ساكناً من العالم المتقدم الذي يدافع عن حقوق الإنسان ويتباكى على اضطهاد الأقليات في دولنا الإسلامية باستثناء بعض بيانات وتصريحات التعاطف الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفي الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها أقليات مسلمة للاضطهاد والتنكيل بل والإبادة، والتاريخ القريب يرصد لنا قصص القتل والتهجير والتهميش الاجتماعي والسياسي للمسلمين في العديد من الدول، كما هو الحال في الهند التي شهدت نزاعات دائمة بين الهندوس والمسلمين أسفرت عن مجازر راح ضحيتها آلاف المسلمين وكذلك الحال في إقليم جامو وكشمير الذي يعيش أجواء صراع طويل بين المسلمين وغيرهم، وأيضاً لا ننسى معاناة المسلمين في الصين والفلبين وفي إفريقيا الوسطى والكونغو، حتى المسلمون في أوروبا لم يسلموا من اضطهاد بعض الأحزاب والشخصيات اليمينية المتطرفة.

وما يحدث لمسلمي الروهينغا في بورما لا يمكن وصفه إلا بأنه وصمة عار جديدة على جبين الإنسانية الملطخ بدماء الأبرياء ولا يمكن تصور بشاعة ما يحدث لهؤلاء العزل، حيث إن الصور والمشاهد المأساوية التي يتم نقلها تجعل الملايين من المسلمين حول العالم يستشيطون غضباً ويريدون فعل الكثير تضامناً مع هؤلاء الضحايا، الأمر الذي يستدعي من القادة السياسيين في دولنا الإسلامية أن يكونوا على قدر المسؤولية ويتحركوا من أجل إنقاذ ما يمكن انقاذه، فهم يستطيعون فعل الكثير لو أرادوا، كما أن من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان عليهم أيضاً أن يكون لهم دور أكثر فاعلية تجاه ما يحدث من أعمال إجرامية تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

لقد تحركت الكويت بلد الإنسانية وخصصت مبلغاً من المال لمساعدة المنكوبين من مسلمي الروهينغا كما سارعت جمعية الهلال الأحمر الكويتية إلى جمع التبرعات من أهالي الكويت الخيرين، وهذه جهود مشكورة ولكن ما أود التأكيد عليه هنا أن التعاطف مع هؤلاء الضحايا يجب ألا يقتصر على مجرد جمع التبرعات وبيانات الإدانة، وخصوصاً من قبل الدول التي لديها القدرة على التأثير في صانعي القرار في العالم، ويجب أن تكون هناك حلول ووسائل أخرى حتى يشعر العزل والمساكين بأن هناك من يقف معهم ويمد لهم يد العون ويدافع عن قضيتهم العادلة، وهي أن يعيشوا في بلادهم بسلام وبعيداً عن القتل والتصفية التي يتعرضون لها.

هؤلاء المسلمون الذين يتمسكون بدينهم رغم اغتصاب نسائهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وتشريدهم وقتلهم وتعذيبهم ألا يستحقون منا الوقوف بجانبهم؟ هل وصلت أمتنا الإسلامية إلى هذه الدرجة من الضعف والمرض؟ هل تفرغنا فقط لتقسيم دولنا وللصراعات المذهبية والسياسية؟ أين منظمة التعاون الإسلامي؟! وأين نحن من قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى»؟، فالمسلمون إخوة وجسد واحد مهما اختلفت أعراقهم وقبائلهم ودولهم وطوائفهم، ويجب أن يقفوا بجوار بعضهم وينصروا الضعيف والمظلوم منهم؟ هل سنتحرك لإنقاذ مسلمي الروهينغا؟ وغيرهم من المسلمين المضطهدين حول العالم؟ أم أصبحنا لا نملك سوى بيانات الاستنكار والإدانة فقط؟!

back to top