التحقيقات تضيّق الخناق على نتنياهو

نشر في 11-09-2017
آخر تحديث 11-09-2017 | 00:06
 المونيتور مرت سنتان منذ أن بدأ المحققون الإسرائيليون بالبحث عن الطرف الآخر في معادلة الرشوة التي تشمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد زوّد شريك نتنياهو الثري الإسرائيلي-الأميركي أرنون ميلشان طوعاً رجال الشرطة، الذين يعملون على الملف 1000، بالتفاصيل عن فوائد تصل إلى 100 ألف دولار أغدقها في السنوات الأخيرة على نتنياهو وزوجته سارا، لكن الجزء الذي كان مفقوداً من هذا اللغز هو الجواب عن السؤال: هل أمل ميلشان الحصول على أي مكاسب مقابل كرمه؟

إن لم تنجح الشرطة في اكتشاف المنفعة التي تلقاها ميلشان (هذا إن حصل على أي منفعة) مقابل ما قدّمه، تظل الشكوك حيال نتنياهو تحوم حول انتهاكات احتيال وسوء أمانة بسيطة نسبياً، ويسود الاعتقاد اليوم أن المدعي العام أفيتشاي ماندلبلت سيواجه صعوبة كبيرة في سعيه إلى إدانة رئيس وزراء حالي بتهم لا تتعدى الاحتيال أو سوء الأمانة. ولكن إذا شملت التهم الرشوة، يختلف الوضع، وفي نهاية شهر أغسطس بدا أن الشرطة تقترب من هذه النقطة المفصلية.

اتضح أن ميلشان، وهو عملاق دولي في عالم السينما يوزع وقته بين لوس أنجليس وإسرائيل، خضع للاستجواب مرات عدة، بعدما تُليت عليه حقوقه، في السفارة الإسرائيلية في لندن، وتملك الشرطة أدلة ظاهرة على أن نتنياهو استخدم كل ثقله ليقنع الثري البريطاني اليهودي لين بلافاتنيك بشراء حصص في المحطة العاشرة الإسرائيلية، وكان ميلشان يملك قسماً كبيراً من هذه الحصص في استثمار فشل وكان سيكبده خسائر بعشرات ملايين الدولارات، ولكن عندما استجاب بلافاتنيك لطلب نتنياهو واشترى المحطة، التي ما زالت ملكاً له، عوّض ميلشان عن استثماره الفاشل، وهكذا عاد استحواذ بلافاتنيك على المحطة بثروة على ميلشان.

عاش نتنياهو أخيراً أحد أسوأ أسابيعه، قبيل انطلاقه في رحلاته المتوقعة إلى الأميركتين الجنوبية والشمالية في 11 سبتمبر، بدأ التحقيق يضيّق الخناق على رئيس وزراء إسرائيل الدائم هذا، لطالما تبنى مكتب نتنياهو وداعميه الشعار "لن يحدث شيء لأنه ما من شيء"، إلا أن هذا الشعار يبدو اليوم بعيداً كل البعد عن الواقع، لكن نتنياهو لا ينوي التخلي عن منصبه طوعاً وسيناضل في سبيله. يذكر أحد خصومه طالباً عدم ذكر اسمه: "يعتبر استمراره أكثر أهمية من الخير العام".

علاوة على ذلك، تهدد قضية الغواصات اليوم المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية وتميط اللثام عن عملية الاستحواذ الدفاعية الإسرائيلية بحد ذاتها، التي تصل قيمتها إلى عشرات مليارات الدولارات، فقد أُوقف كبير موظفي نتنياهو السابق، ديفيد شاران في الثالث من سبتمبر بعد الاشتباه بتلقيه رشوة، وشملت عمليات الاعتقال الأخرى العميد شاي بروش، القائد السابق لشايطيت 13 (وحدة كومندوس بحرية رفيعة شأن في إسرئيل)، والوزير السابق إليعازر ساندبرغ الذي كان مقرباً من نتنياهو.

في الوقت الراهن، تحوم الشبهات في التحقيق حول عدد كبير من شركاء رئيس الوزراء المقربين، ويشمل هؤلاء، إلى جانب شاران وساندبرغ، محامي نتنياهو وقريبه ديفيد شيمرون، وكبير موظفي نتنياهو السابق آري هارو، وأفريل بار-يوسف، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الذي عينه نتنياهو في هذا المنصب، لكن رئيس الوزراء يواصل إصراره على أنه لم يكن على علم بأي من هذه المسائل، ولا حتى أن قريبه شيمرون كان الممثل القانوني لمجموعة "تيسين كروب" في إسرائيل.

يبقى السؤال المهم الذي ينشأ هنا: هل تنجح الشرطة في إثبات أن نتنياهو كان على علم بتورط شيمرون في صفقة بقيمة مليار دولار؟ فقد كانت هذه في النهاية صفقة قادها هو بصفته رئيس الوزراء. ما زال هذا السؤال بدون جواب حتى اليوم.

إذا كان نتنياهو على علم بتورط شيمرون في قضية الغواصات، فسيواجه اتهامات جنائية في هذه المسألة أيضاً، ولكن إن كان فعلاً يجهل هذه التفاصيل، فقد يدفع هذا كثيرين إلى التساؤل عما إذا كان نتنياهو كفئاً كفاية ليقود البلد، فتُعتبر صفقة الغواصات والمركبات البحرية صفقة استراتيجية ترتبط بأمن إسرائيل القومي، نتيجة لذلك، تولى رئيس الوزراء نفسه إدارة تفاصيلها وعقدها، إذاً تقع مسؤولية هذه الصفقة على عاتقه وحده، صحيح أن عذر "لم أعرف" قد يبعد نتنياهو عن التهم الجنائية، إلا أنه لن يجنبه لوم الشعب.

* بن كاسبت

* «المونيتور»

back to top