يحبه البسطاء ويجلّه الكبراء ويتواضع أمامه العظماء

نشر في 10-09-2017
آخر تحديث 10-09-2017 | 00:05
نزيه القعقاع التميمي
نزيه القعقاع التميمي
أتفهم أن يثني على سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أبناؤه الكويتيون، لما يغمرهم به من حنان وعطف وكرم، أو أن يثني على سموه المقيمون في بلاده، لما يلمسونه من بره بهم وحرصه على فتح أبواب الكويت وجعلها دار إقامة آمنة هانئة لهم، أتفهم أن يمدحه لاجئون تبرعت الكويت لهم، أن يمدحه صحافيون أو محللون يدركون مرامي ما تنسج يدا سموه من رداء الوحدة العربية والإبقاء عليه متماسكاً، أتفهم أن يمدحه دبلوماسيون نصّبوه عميدهم وعرّابهم، أن يشيد به من له به علاقة ولو غير مباشرة... أما أن تأتي تلك الشهادة من رجل بسيط في إحدى الدول العربية غير الخليجية لا يخاف سلطاناً ولا يطلب إحساناً، ليس له مأرب إلا الحقيقة، فذلك ما يحتاج إلى مزيد من التفصيل.

منذ يومين كنت في زيارة لقلعة عجلون الأردنية، وأثناء تجولي فيها رأيت رجلاً بسيطاً يعمل بائعاً للقهوة العربية التي أعشقها، كان مذاق قهوته رائعاً، مما دفعني إلى أن أجاذبه أطراف الحديث، وعندما علم أنني قادم من الكويت، قال على الفور: من بلد الشيخ صباح؟ تبسمت وقلت: نعم. قال: سمعت أنه يسمى بقائد العمل الإنساني؟، قلت: نعم، فاستطرد: إنه رجل عربي أصيل حريص على أن تبقى بلاد العرب واحدة، كم سمعنا عن مساعيه في لم الشمل العربي والخليجي!

نظرت إليه وعلامات الدهشة بادية عليّ، وفي عيني سؤال فهمه جيداً، فأجاب عنه دون أن أسأله: لا تحسبني جاهلاً، حقاً ملابسي بسيطة ومهنتي أبسط، وحقاً أنا لا أحمل شهادات علمية، لكنني أدرك ما يدور حولي جيداً، وقد تعجب إذا أخبرتك أنني أتحدث الإنكليزية والفرنسية والإيطالية... نعم أجيدها بسبب تعاملي الدائم مع السياح، الذين باتوا يعرفون مذاق قهوة "نزيه القعقاع التميمي".

عندئذ أدركت جيداً ما لسمو أمير البلاد من محبين من غير المظنون فيهم شبهة تزلف، أناس لم يلتقوه يوماً، ولم يكن لهم أي مصلحة في الثناء عليه، لكنه الحق البين والذكر الباقي، والعطر الذي يفوح عبيره على الجميع، وأدركت ما كان يعنيه شاعر العربية الأكبر حينما قال عن ممدوحه:

كالبحر يقذف للقريب جواهراً

جوداً ويبعث للبعيد سحائبا

وهأنذا أشاهد ذلك الرجل البعيد يثني على سمو الأمير لأن نسمة صنائعه الطيبة وصلت إليه، وسمع عن أياديه البيضاء هنا وهناك، حتى ليصدق بحق سموه مقولة أحد الحكماء: "إذا رأيت إنساناً يثني عليه من لا يعرفه، ويمدح فيه من لا يطمع في عطائه، ويلهج بفضائله من لا يوجهه أحد إلى ذلك، فاعلم أنك أمام رجل عظيم، شهم كريم، ذي خير عميم... إذا رأيت شخصاً يحبه البسطاء ويجله الكبراء ويتواضع أمامه العظماء، فاعلم أنه شخص نادر وبحر زاخر وكرم غامر".

back to top