كوريا الشمالية وقفص ترامب!

نشر في 08-09-2017
آخر تحديث 08-09-2017 | 00:15
 د. حسن عبدالله جوهر عندما يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن «الأسبوع الكبير» القادم، فإنه بلا شك يريد اتخاذ قرار خطير للغاية على المستوى العالمي، ولربما يريد الرجل أن يسجل حدثاً تاريخياً دون أن ينظر إلى نتائجه وتبعاته بما في ذلك إشعال النار بالكرة الأرضية برمتها!

السيناريو الأرجح أن يوجه الرئيس ترامب «ضربة شديدة» إلى كوريا الشمالية المستمرة في تحديها للتحذيرات الأميركية وبشكل استفزازي أحياناً، وآخرها التجربة الهيدروجينية غير المسبوقة عالمياً خارج نطاق القوى العظمى التقليدية.

ترامب الذي يرى في نفسه الرجل الأسطورة بات محاصراً سياسياً وإعلامياً ونفسياً، وحلم أميركا القوية بدأ يتبخر مع بدايات عهده، وبشكل أكبر من أيام سلفه باراك أوباما الذي كان ينتقده بشراسة، فروسيا وحلفاؤها سواء في منظمة «البريكس» أو الدول الإقليمية الصديقة لها تسجل انتصارات سياسية وعسكرية متتالية خصوصا في سورية والعراق، وبات قهر إرهاب «داعش» ماركة مسجلة للرئيس بوتين وحلفائه وليس لترامب وأصدقائه!

ترامب فشل أيضاً في استعراض القوة في سورية أو ضد إيران، ومسرحية ضرب مطار الشعيرات السوري وتعهده بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران جاءت كأضحوكة سياسية، كما يعاني الرجل حصارا مؤسسيا يقوده الكونغرس ووزارة الدفاع والإعلام الإميركي، إلا أن عناده يتجاوز كل هذه الاعتبارات، ويجد نفسه مضطراً لتحقيق أي انتصار، ولذلك فقد تكون بيونغ يانغ مسرحاً للحدث الكبير والمرتقب.

المشكلة في أي حرب ضد كوريا الشمالية أنها جديدة استراتيجياً وبكل المقاييس، وسيناريوهاتها شديدة الخطورة والتعقيد، وهي تختلف تماماً حتى مع أزمة خليج الخنازير في كوبا عام 1962، حيث إن الصراع كان محصوراً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وفي عهد إدارتين عاقلتين يقودهما الرئيس الأميركي كندي والزعيم السوفياتي خروتشوف، في حين المواجهة الأميركية-الكورية بين قوة عظمى ودولة من العالم الثالث، وفي ظل حكومتين متهورتين فقد يكون لها شأن مختلف جداً، ناهيك عن ردود الفعل الدولية خصوصا من روسيا والصين لقربهما الجغرافي من قلب الأحداث من جهة، ومنافستهما الكونية للولايات المتحدة من جهة أخرى.

إن اندلاع أي تصعيد عسكري حقيقي في كوريا الشمالية لن يقتصر على منطقة شرق آسيا فحسب، بل ستتحول القارة الكبيرة بالكامل إلى مشهد دراماتيكي رئيسي، بما فيها إقليم الشرق الأوسط الذي نعيش فيه.

مع اعتبار ألا أحد «يمون» على دونالد ترامب، حتى حكوماتنا الخليجية التي أنقذت طموحات برنامجه الاقتصادي بنصف تريليون دولار، فإن الحذر مطلوب إلى درجة غاية في الخطورة، فانتصار الرئيس الأميركي في حال فلت من مخاطر هذه المجازفة الجديدة قد يعني تحوله إلى الآمر الناهي في المنطقة العربية، وأول ما يطلبه هو فتح خزائن دولنا مرة أخرى لتمويل حملته العسكرية غير آبه بظروفنا المالية الصعبة، أما إذا ما فشل ترامب في تحقيق نصر ساحق أقله الإطاحة بنظام بيونغ يانغ، أو تعقد ضده الموقف الدولي فإن نتيجة ذلك هي حبس الكابوي الأميركي في القفص، مما يعني انكشاف ظهرنا سياسياً واستراتيجياً في ظروف لا نحسد عليها أصلاً!

back to top