تهديد كوريا الشمالية يتخطى الصواريخ البالستية العابرة للقارات

نشر في 03-09-2017
آخر تحديث 03-09-2017 | 00:08
يجب أن يبعث ترامب إلى كيم برسالة واضحة مع إيصال نسخة مطابقة منها إلى الرئيس الصيني تشي جينبينغ: إذا انفجرت أي قنبلة نووية مصدرها كوريا الشمالية على الأراضي الأميركية أو أراضي أي دولة حليفة، فسترد الولايات المتحدة كما لو أن كوريا الشمالية نفسها استهدفتها بصواريخ بالستية عابرة للقارات مزودة برؤوس نووية.
 ذي أتلانتك من اللحظة الأولى التي أخبر فيها أوباما الرئيس المنتخب ترامب خلال عملية انتقال السلطة عن تهديد الصواريخ الكورية الشمالية البالستية العابرة للقارات المزودة برؤوس نووية الوشيك، كان موقف ترامب الأساسي: لن يحدث ذلك خلال عهدي. ومن تغريدته في الثاني من يناير "لن يحدث" إلى تصريحاته عن أن الجيش الأميركي "على أهبة الاستعداد" لإطلاق "النار والغضب" على كوريا الشمالية في حال هددت الولايات المتحدة، نلاحظ أن ترامب سعى إلى رسم خط أحمر يُظهر بوضوح أنه سيبذل كل ما في وسعه لوقف برنامجَي كوريا الشمالية النووي والصاروخي قبل أن يتمكنا من استهداف البر الأميركي.

ولكن بغية تقييم تهديد كوريا الشمالية النووي بالشكل الصحيح، على الأميركيين أولاً أن يدركوا الخطر الذي تشكّله اليوم ترسانتها الحالية مع نحو 60 سلاحاً نووياً على الولايات المتحدة وحلفائها. يستطيع كيم يونغ أون راهناً توجيه رؤوس نووية ضد كوريا الجنوبية، حيث يتمركز نحو 28500 جندي أميركي ويعيش 200 ألف مواطن أميركي. كذلك بإمكانه تنفيذ هجوم برؤوس نووية ضد اليابان، حيث يقيم 90 ألف أميركي تقريباً، بمن فيهم 39 ألف جندي.

رغم ذلك، ثمة طريقة أخرى أكثر احتمالاً قد تنفجر بها أسلحة كوريا الشمالية النووية في مدينة أميركية: يستطيع كيم بيع سلاح نووي إلى إرهابيين. وهل تثير الأسلحة النووية اهتمام الإرهابيين الذين تحاربهم الولايات المتحدة اليوم؟ يسعى أيمن الظواهري، القائد الحالي لتنظيم القاعدة، للحصول على أسلحة نووية منذ أكثر من عقد. علاوة على ذلك، اكتُشفت عام 2016 مجموعة تسعى بدأب إلى الاستحواذ على مواد نووية من محطة طاقة نووية في بلجيكا. وهل يعتقد كيم أن بإمكانه بيع سلاح نووي أو المواد الضرورية لصنع سلاح مماثل إلى مجموعة إرهابية من دون مواجهة أي عقاب؟ قد لا نظن نحن ذلك. ولكن من الضروري أن تبذل الولايات المتحدة كل ما في وسعها لتجعله يقنتع بألا مفر من العقاب.

ولكن لا يستطيع أحد أن يلغي واقع أن بيونغ يانغ سبق أن تخطت ذلك الخط من دون أن تواجه أي عواقب خطيرة، ففي مطلع عام 2010، باعت كوريا الشمالية سورية مواد، وتصاميم، وخبرات ساعدتها في بناء مفاعل نووي يُنتج البلوتونيوم، ولو لم تدمره إسرائيل بضربة جوية عام 2007، لكان هذا المفاعل قد أنتج حتى اليوم كمية كافية من البلوتونيوم لصنع قنابل نووية عدة.

ما الثمن الذي دفعته كوريا الشمالية؟ حصلت بيونغ يانغ على مالها، وتعرضت سورية للقصف، وعادت الولايات المتحدة بعيد ذلك إلى طاولة المحادثات السداسية، محاولةً بلا جدوى حمل كوريا الشمالية على التخلي عن أسلحتها النووية. تُعرف كوريا الشمالية في الأوساط الاستخباراتية بـ"منبع الصواريخ"، بعدما باعت صواريخ لإيران، وسورية، وباكستان، وغيرها. وكما ذكر وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس، كوريا الشمالية مستعدة "لبيع أي مما تملكه لكل مَن يملك المال لشرائه"، والمفارقة أن النظام في بيونغ يانغ، الذي يفتقر إلى المال، سيملك حافزاً أكبر للعودة إلى السوق السوداء النووية مع سعي الولايات المتحدة لتشديد تطبيق العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية.

بالإضافة إلى الجهود الحالية، يجب أن يبعث ترامب إلى كيم برسالة واضحة مع إيصال نسخة مطابقة منها إلى الرئيس الصيني تشي جينبينغ: إذا انفجرت أي قنبلة نووية مصدرها كوريا الشمالية على الأراضي الأميركية أو أراضي أي دولة حليفة، فسترد الولايات المتحدة كما لو أن كوريا الشمالية نفسها استهدفتها بصواريخ بالستية عابرة للقارات مزودة برؤوس نووية.

ساهمت "حرب الكلام" الأخيرة بين ترامب وكيم في تنبيه الأميركيين للخطر النووي الكوري الشمالي. صحيح أن الأميركيين يأملون أن تنجح المواجهة الحالية في وقف المزيد من التجارب النووية واختبارات الصواريخ البالستية العابرة للقارات، ولكن حتى لو نجحت سيكون على الولايات المتحدة أن تحاول العيش مع الخطر الواضح والدائم الذي تشكّله دولة كورية شمالية نووية.

* غراهام أليسون

back to top