وتبقى الكويت

نشر في 29-08-2017
آخر تحديث 29-08-2017 | 00:10
 يوسف عبدالله العنيزي ونحن نعيش شهر أغسطس هذا الشهر الذي شهد حادث الغدر والخيانة من جار كنا سنده في أشد الأوقات عسرة، وكاد عدوه يكسره، فكان للكويت وقيادتها وشعبها وقفة بطولية، وكان جزاؤنا للأسف من قيادة النظام السابق «جزاء سنمار»، فعاث في بلادنا دمارا وخرابا، وأهلك الحرث والنسل والزرع، وقتل شبابنا وأسر أهلنا وغابت الشمس عن سمائنا، وساد الظلم والقهر، ولكن قدرة المولى العزيز انتصرت للحق على الباطل وعادت الشمس إلى وطن النهار.

وبودي أن أؤكد أن الحديث عن تلك الفترة الحالكة لا يعني بالضرورة أن ننكأ جراح الماضي، ولكن لتكون عبرة وعظة. كان تحركنا في السفارة بالجزائر سريعا ومباشرا، ففي صباح يوم الغزو طلبت بشكل عاجل مقابلة الدكتور أحمد غزالي وزير الخارجية في مكتبه، وكان لقاء مطولا، وقد سألني معاليه في بدايته عن سمو أمير البلاد وسمو ولي العهد، وعندما أخبرته أنهما بخير ولله الحمد، وأنهما موجودان الآن في المملكة العربية السعودية الشقيقة رد بتأكيد أن هذه أول مرحلة انتصار للكويت على العدوان، فانتهزتها فرصة وطرحت عليه فكرة أن يقوم فخامة الرئيس بإجراء مكالمة هاتفية مع سمو الأمير للاطمئنان عليه، فوعد بطرح الفكرة على فخامة الرئيس، ثم طرحت على معاليه إمكانية قيام الجزائر بإصدار بيان تنديد بالعدوان، فوعد أيضا بعرض الموضوع على مجلس الوزراء الذي سيعقد اجتماعا استثنائيا مساء اليوم، وبالفعل صدر ذلك البيان، كما تلقيت مكالمة هاتفية من معالي الوزير، حيث أبلغني أن المكالمة الهاتفية قد تمت بين الزعيمين، واطمأن الرئيس على سمو الأمير وسلامته.

بعد قيام قوات الاحتلال والنظام الغازي بإنشاء ما سمي «حكومة الكويت الحرة»، أصدرت السفارة بيانا تحذر من التعامل مع تلك الحكومة التي تمثل الاحتلال وقواته فقط، فدولة الكويت دولة حرة بقيادة أميرها الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، وتمثلها حكومة دولة الكويت الشرعية الوحيدة والمعترف بها دوليا.

ووزعنا ذلك البيان على جميع الهيئات الحكومية ودور الصحف والإعلام وجميع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في الجزائر، وبقدر ما كان لهذا البيان أصداء إيجابية كان له أصداء سلبية أيضا، حيث امتنعت بعض محلات بيع المواد الغذائية عن التعامل معنا، وهنا كانت الفزعة من سعادة السفير الأميركي وسعادة سفير بريطانيا وسعادة الأخ السفير طارق الهيدان نائب وزير الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان يتولى وقتها منصب سفير الدولة في الجزائر.

هذا وقد توالت علينا التهديدات والتحذيرات، وقد كان أكثرها إيلاما ما كان يمس العائلة والأولاد، فامتنعنا عن إرسالهم للمدارس، وقد اتصلت بالسيد العربي بالخير وزير رئاسة الجمهورية، وشرحت له ما نعانيه من أوضاع أمنية فقام بتزويدي برقم الهاتف الخاص بفرقة الطوارئ، كما أمر بوضع سيارة عسكرية مصفحة عند بوابة مجمع البعثة.

كانت تلك أوقاتا فيها الكثير من المعاناة، ولكن ذلك لم يمنعنا من العمل والتحرك وإقامة المعارض التي تشرح مقدار الخراب والدمار الذي تقوم به قوات الاحتلال، كما قمنا بإصدار مجلة أسبوعية باسم «الكويت حرة».

هذا ومن ناحية أخرى فقد تم الاتفاق مع الأخ العزيز الدكتور محمد الرميحي رئيس تحرير مجلة «العربي» الذي كان يوجد في لندن في ذلك الوقت لترتيب إصدار مجلة «العربي» من الجزائر، وتم الاتفاق مع أحد أصحاب المطابع لكنه تراجع بعد أن تلقى تهديدات بحرق المطبعة في حال قيامه بذلك، وانضم لكادر السفارة حينها كل من الأخوين سامي الإبراهيم وسامي المضف، وقد كان لهما دور بارز ومميز.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top