«خلاص عاد»

نشر في 26-08-2017
آخر تحديث 26-08-2017 | 00:03
 فواز يعقوب الكندري كل قلم سال حبره على الورق، وكل الأحرف المركونة على "الكيبورد"، وشاشات الهواتف المفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي، جميعها تعرضت وتألمت لقضية إخواننا "البدون" الذين يعيشون معنا في هذه الأرض، ويشاركوننا كل تفاصيل أيامنا، ليست فقط الأقلام والحروف، حتى القلوب أمست تعاني تلاعب المسؤولين بمشاعرهم مقابل حل مشاكلهم.

منذ ولدت وأنا أقرأ مانشيتات الصحف تخبرنا بأن القضية تتجه نحو الحلحلة، وأدركت اليوم أنهم بحاجة إلى هذه القلقلة، حتى يلجأ إخواننا البدون إلى البلبلة، فتُشار لهم أصابع العنصرية نحوهم قائلين: إنهم يثيرون في بلادنا الزعزعة، أنا أعلم تماماً أن هذه القضية تشبعت دراسة وتفسيراً وحلولاً، وتمت مواجهة مطالبهم بحقهم الإنساني بالطمطمة.

قرأت في وسائل التواصل الاجتماعي عن بُشرى زفها أحد المسؤولين إلى 1000 إنسان من إخواننا البدون بمنحهم تأشيرات لتأدية مناسك الحج، فذهبت بخيالي إلى السماء، والجميع يقف على الصراط ليحاسبنا الله على أعمالنا، فلا يجد صديقي الذي كُتب عليه أن يعيش حياته بلا هوية جواباً لعدم قدرته على أداء فريضة الحج إلا: أنا لا أملك جوازاً يساعدني على العبور إلى بيتك، هم لم يمنحوني تأشيرة لأعود كيوم ولدتني أمي، هم حرموني من أن أصل إلى الشيطان فأرجمه؛ لأنه هو من همس في آذانهم أن يعذبوني في حياتي.

صديقي "فهد" درس معي منذ الابتدائي حتى تخرجت معه من الثانوية، فقررنا أن نسافر جميعاً نحن المجموعة التي كنا نعيش أيامنا منذ الصغر معاً، هنا علمت أنه لا يستطيع أن يكون معنا في الطائرة لأنه لا يملك جوازاً، أخبرني بذلك واسترسل في شرح قصته لي بعد أن كنت أجهل ذلك عنه أكثر من 10 سنوات، أخبرني بمعاناته وتفاصيل الألم الذي يعيشه مع كل مراجعة للوزارة، أخبرني بكل شيء قبل أن تأخذنا الحياة ومشاغلها فتبعدنا عن بعضنا.

اليوم استذكرت ما قاله لي صديقي "فهد" ولا أريد أن أفصّل في ذلك لأن الجميع يعرف تفاصيل هذه المعاناة الإنسانية. نحن فقط نريد أن نقول: نحن نتألم معهم، ونشاركهم تعبهم وحزنهم، نحن فقط نريد أن نقول: "خلاص عاد" حلوها.

back to top