«إندوسويس»: الوقت ليس مناسباً للعملة الخليجية الموحدة

ارتباط عملات دول التعاون بالدولار يظل مرناً واحتياطاتها ستتيح لها الصمود أمام الضغوط

نشر في 21-08-2017
آخر تحديث 21-08-2017 | 18:22
No Image Caption
ذكرت شركة إندوسويس أن المبالغ الكبيرة من احتياطات الدولار، التي تحتفظ بها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، توفر سببا لهذه الدول لتعمل معا ويدعم بعضها بعضاً، ومع ذلك فإن الوقت لا يبدو ملائما لهذه الدول للنظر في العملة الموحدة.
نشرت شركة إندوسويس لإدارة الثروات، الذراع العالمية لإدارة الثروات، التابعة لمجموعة كريديت أغريكول، ومقرها أبوظبي ودبي في الإمارات، من خلال المكاتب التمثيلية لإندوسويس (سويسرا)، تقريرا بعنوان "تعليقات حول الاقتصاد الكلي"، حيث أبرزت الشركة كيف أن أرصدة الحسابات الجارية لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، لاسيما دول الخليج، لا تزال تعاني انهيار أسعار النفط بين عامي 2014 و2015.

وتحول الحساب الجاري للسعودية من فائض إلى عجز قدره 8.3 في المئة في 2015. وفي الآونة الأخيرة، تجنبت المملكة عجزا مزدوجا في الربع الأول من 2017، حيث كشفت وزارة المالية السعودية عن عجز في الموازنة بنسبة 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي.

وساعد انتعاش أسعار النفط على إعادة وجود فائض في الحساب الجاري، وحققت الصادرات مكاسب، بينما تراجعت الواردات بسبب ضعف الطلب المحلي، ما أدى إلى فائض قدره 6 مليارات دولار يرجع أساسا إلى عائدات الصادرات ذات الصلة بالنفط.

ورغم ذلك، أظهر حساب رأس المال تدفقات كبيرة تعكس إمكانية إعادة توزيع الثروة السيادية، واستمرت الاحتياطات في الانخفاض خلال الفترة من يناير إلى مايو 2017، وبلغت الآن 499 مليار دولار، أي بانخفاض قدره 247 مليارا عن ذروتها التي وصلت إليها في أغسطس 2014.

انكماش الفائض

أما في البحرين فقد انكمش الفائض إلى 3.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنظيره عام 2014، وانهار فائض الكويت إلى 7.5 في المئة عام 2015 (مقابل 45.5 في المئة عام 2012)، وعانى الأول من نفس مصير عمان، حيث خفّضت العام الماضي الوكالات الثلاث الرئيسية لتصنيفات الائتمان ديون عمان إلى ما دون مستوى الاستثمار، ويبدو أن الأردن كان استثناء، حيث انخفض عجزه إلى 8.9 في المئة عام 2015 من 15.2 في المئة عام 2012.

وبالمثل، سجل عجز الحساب الجاري في مصر أدنى عجز له منذ عام 2014 في الربع الأول من عام 2017، بسبب ارتفاع الصادرات وانخفاض الواردات غير النفطية، وتحسن الإيرادات الآتية من السياحة وتحويلات العاملين في الخارج.

ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري في نوفمبر الماضي، والذي ترجم إلى بلوغ احتياطات النقد الأجنبي 31 مليار دولار في يونيو، أي ضعف مستواها في يوليو 2016، وتحولت سلطنة عمان إلى عجز في الحساب الجاري بنسبة 15.5 في المئة عام 2015، من فائض بنسبة 10.2 في المئة عام 2012، وأدى ذلك إلى تآكل احتياطات البلد الخارجية إلى درجة أن تصنيف الدين العماني كان "غير مرغوب فيه".

احتياطات كبيرة

وفي سياق تعليقه على التقرير، قال كبير المحللين الاقتصاديين في مجموعة اندوسويس لإدارة الثروات د. بول ويتِّروالد: "بإمكان السعودية الاعتماد على احتياطاتها التي لا تزال كبيرة، وتبلغ قيمتها أكثر من قيمة واردات عامين".

وأضاف ويتِّروالد: "من شأن ذلك أن يسمح للسلطات مواجهة أي ضغوط على ارتباط عملتها بالدولار، لكن لا ينبغي لها أن توقف أيا من جهود التنويع الاقتصادي والإصلاحات المختلفة التي كانت البلاد نشطة فيها، في ظل توجيهات ولي العهد محمد بن سلمان".

وتابع: "يرجع ذلك إلى أن عملة البلد مرتبطة ارتباطا تاريخيا بالدولار، ولا تستطيع تحمل عجز الحساب الجاري باستمرار، ولا تتمتع السعودية بميزة الرسوم الدولية لسك العملة، التي تتمتع بها الولايات المتحدة، والتي يبلغ عجز حسابها الجاري 2.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي".

وزاد: "إضافة إلى ذلك، لا تزال هناك شكوك كبيرة تحوم حول التأثير الحقيقي للإدارة الأميركية الحالية على الاقتصاد العالمي. وتتمثل القضايا الرئيسية لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تعزيز الدولار، وتحويل العملة خارج الولايات المتحدة، وارتفاع أسعار الفائدة".

وأشار إلى انه "من شأن هذه التطورات أن تؤثر سلبا على إعادة تمويل ديون بعض الدول التي تفتقر إلى إمكانية الوصول الطبيعي إلى الدولار من خلال تدفقات التصدير المنتظمة".

التعاون هو الأساس

وتوفر المبالغ الكبيرة من احتياطات الدولار، التي تحتفظ بها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، سببا لهذه الدول لتعمل معا وتدعم بعضها البعض، وتتوقع شركة إندوسويس أن يسهم ذلك في إعادة النظر في ترتيبات أسعار الصرف في دول المنطقة، التي هي أبعد ما يكون عن نظام سعر الصرف العائم. ومع ذلك، أشارت الشركة إلى أن الوقت لا يبدو مناسبا لهذه الدول للنظر في العملة الموحدة.

ويبلغ إجمالي احتياطات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 875 مليار دولار، تملك السعودية أقل بقليل من 500 مليار دولار منها، ورغم أن ذلك المبلغ يبدو كبيرا جدا، فإنه يبدو صغيرا جدا أمام أرصدة البنوك المركزية المختلفة في الاقتصادات الناضجة، ففي 30 يونيو 2017، بلغت الميزانية العمومية للاحتياطي الفدرالي الأميركي 4.467 مليار دولار، منها 2.365 مليار سندات للخزانة الأميركية، و1.770 مليار أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري.

وفي نفس التاريخ، بلغ حجم الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي 4.210 مليارات يورو (4.800 مليارات دولار)، وبلغت الميزانية العمومية للبنك المركزي السويسري 779.7 مليار فرنك (نحو 780 مليار دولار) في نهاية شهر مايو.

أما بالنسبة لبنك انكلترا فقد بلغت ميزانيته العمومية 423 مليار جنيه (531 مليار دولار) في 31 مارس 2017، وتتكون نسبة كبيرة جدا من هذه الأرقام من أوراق مالية قابلة للتداول، ما يعني أن تصرف تلك البنوك المركزية بجزء من هذه الأوراق المالية قد يكون له أثر على الأسواق المالية أكبر من أثر احتمال بيع السلطات النقدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتلك الأوراق.

تدهور الأرصدة

وذكر ويتروالد: "ان رصيد الحساب الجاري لدولة ما يعطينا فكرة عن مرونة عملتها في أوقات الأزمات، وكلما كان التوازن أقوى قل الاحتياج إلى الاحتياطات للدفاع عن العملة، وتدهورت أرصدة الحسابات الجارية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على المستوى العالمي بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط".

وأضاف: "بالنظر إلى حجم احتياطات تلك الدول، فإن بيعها للحفاظ على ثبات ارتباط عملاتها بالدولار لا ينبغي أن يؤدي في حد ذاته إلى انهيار، رغم احتمال أن يكون لذلك تأثير سلبي على الأسواق المالية".

واردف: "لكي يحدث ذلك سنحتاج إلى رؤية مستثمرين آخرين يبيعون في الوقت ذاته، إما بسبب سياسات نقدية خاصة بهم (على سبيل المثال البنوك المركزية للاقتصادات الناضجة) أو بسبب استراتيجيات إدارة المحافظ المالية من قِبل كبار المستثمرين في القطاع الخاص".

تطورات السياسات النقدية الأميركية تشكل مخاطرة كبيرة لاقتصادات المنطقة

السعودية تمتلك 500 مليار دولار من احتياطي المنطقة البالغ 875 ملياراً
back to top