50 سنة حب

نشر في 20-08-2017
آخر تحديث 20-08-2017 | 00:10
 مظفّر عبدالله أول العمود: حديث السفير الهندي حول تورط كويتيين وهنود في فضيحة حوالات الممرضات الهنديات يفرض على البرلمان مسؤولية التحقيق فيها.

***

عنوان المقالة من وحي مسرحية "30 يوم حب" الشهيرة، فالخمسون سنة وزيادة هي عمر أفناه فقيد الكويت عبدالحسين عبدالرضا مخلصا لمبادئه.

التعاطف غير العادي الذي لقيه الفقيد بعد خبر وفاته أوقف البلد وألبسه حالة مختلطة من حب وحزن ووفاء، حالة مسحت كل قضية محلية بما في ذلك القضية المخجلة المسماة "خلية العبدلي" وهي الأسخن بلاشك. شكراً للفن الذي أخرس كل سياسي أخرق، وكل ناعق نفاقا بحب الوطن، وكل متزلف وعاشق للأضواء، شكراً لمن بنوا المسرح والتلفزيون والسينما ورحلوا.

ماذا تعني ظاهرة عبدالحسين عبدالرضا؟ هل النموذج العصامي المخلص لمبادءئه أم الفرادة والذكاء؟ هنا لا يمكن الحديث عن هذا الرجل وحده، فهو لا يقبل ذلك، وأكد في غير لقاء على فكرة "الجيل" الذي رافقه، لكن عبدالحسين هو حتماً عنوان هذا الجيل، هذا العنوان الذي كابد البدايات الفطرية والإمكانات البسيطة للفن، وتماشى مع البدايات المشجعة لنهضة الكويت فساهم مع رفاقه في ما قام به الساسة في تثبيت أركان دولة الكويت في المحيط العربي وقبلها وجدان الكويتيين. أتمنى أن تقرأ الحكومة مشهد الأيام الفائتة وتلتفت إلى أن هناك سفراء من نوع آخر، ووزراء خارجية يتبعون مدرسة الفن، الفن بكل أشكاله، فمن المعيب أن تمضي حالة "بوعدنان" بلا تمحيص ولا تفكير، الصرف على الثقافة والفنون وبناء الإنسان الملهم هو حصن هذا المجتمع.

كان الفقيد يشتكي من جور الرقابة على النصوص من موظفين لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، يشطبون للعمالقة ويعبثون في نصوصهم!! كان يشكو إهمال الدولة لبناء فرقة قومية للمسرح هذا الفن الذي يتكبد كثيراً من المال لكن مردوده لا يقدر بثمن لأنه يدفع باسم الكويت إلى السماء، إلى مواطنين بسطاء في المغرب وموريتانيا ودول بعيدة عنا كما فعلت مجلة العربي ومسرحية "علي جناح التبريزي".

هناك دول محدودة الموارد استطاعت بذكاء الاستثمار في الفنون، ونجحت في وضع اسمها في الحالة الثقافية العالمية، أما نحن فلا ينقصنا المال، ففي الستينيات كان المجتمع الكويتي مُشعّاً وقويا بسبب انتعاش الفنون، وساهم عبدالحسين ورفاقة في تثبيت اسم الكويت في نفوس المواطنين والعرب باقتدار، وما إن تساهلت الدولة مع موجة التدين الشكلي والسياسي حتى انطفأت الشعلة، فأصبح المسرح مُحرَّما، أو في أبسط الأحوال "لغوا" يجب اجتنابه!

في تلك الأجواء التي تشبه غيوم آبار النفط التي خنقتنا أيام الغزو، ولا تزال، تعرض الفقيد لمحاولة اغتيال وأوقفت مسرحية "هذا سيفوه" ولم تُسجل، وتم الاعتداء على فروع شركته في السالمية والفنطاس- في الرابط رواية الفنان سعد الفرج حول المنع (https://www.youtube.com/watch?v=qHnzL06DVmM). اليوم المشهد ذاته يستمر بسواده ويتم منع الكتب عندنا فيما دول خليجية تفسحها!! وتتم التضحية بوزراء الإعلام بسبب كتاب أو حفل لا يعجب نفراً من النواب أو من مجاميع التزمُّت، وتقوم الوزارة بإرضائهم من خلال قوانين الإعلام المكبلة للحريات التي هي، لا النفط وحده، سبب في معرفة العالم ببلد اسمه الكويت. كان ذلك قبل 40 عاما.

في أمان الله عبدالحسين عبدالرضا، فحتى توقيت رحيلك جاء هدية من السماء، هدية أراحت الكويت من عفن الطائفية والكراهية ولو مؤقتا.

back to top