المجلس الأعلى «للتحبيط»

نشر في 19-08-2017
آخر تحديث 19-08-2017 | 00:09
 فواز يعقوب الكندري قابلت أحد أصدقائي الذين يعشقون السلبية ويكرهون كل شيء إيجابي، وتبادلنا الحديث تلك الليلة مبتدئاً بنبرة التفاؤل قائلاً: أترى يا صديقي أن الدولة تخطط لبناء دولة راقية عبر تأسيس مجلس سيسهر الليل يخطط لنا ويبتكر لوطننا سبل التقدم، فقاطعني هنا وقال: منذ أن كنا طلبة والشخوص هم أنفسهم من يتقدمون المناصب القيادية، كبرنا وتخرجنا بشهاداتنا والعقول نفسها تدور على المناصب القيادية، حتى بدأت أشعر أن عدد سكان هذا الوطن ١٠٠ نسمة، وأن هناك جرة كبيرة فيها أوراق بأسمائهم، وكلما أصبح هناك منصب قيادي شاغر ذهبت أيادي مجلس الوزراء لاختيار ورقات منها.

أتظن يا صديقي أن من يدرس أطفاله في مدارس خاصة، ويعالج في مستشفيات أوروبا سيشعر بهمومك في انحدار المؤسسة التعليمية، وتكدس المرضى على شبابيك أقسام الأشعة في المستشفيات؟! إن كنت تشعر أنه مجلس "للتخطيط" فإني والله أشعر أنه مجلس "للتحبيط".

هنا قاطعته منزعجا من سوداويته التي تكتم على الصدر قائلاً: "البينة يا صديقي على من ادعى"، واسمع مني بينتي بأذن تريد أن تقتنع لا أذن تبحث عن الجدال، فالحركة الدورانية للأسماء ذاتها لها مغزى وسر، الحكومة لا تريد للشباب أن يتحملوا مشقة المناصب وتعبها، فقررت أن تحتكرها لأسماء محددة ترهقهم ليعيش المواطن هانئاً سعيداً.

وأكملت بنبرة هجومية على صديقي المتشائم قائلاً: نحن نتذمر من كل شيء لأننا لا ندرك حنكة إدارة الأمور، ألم تسأل نفسك: لماذا نصّبوا مرشحين ووزراء سابقين فشلوا في أن يحصلوا على ثقة الشعب ليكونوا أعضاء للتخطيط؟! سأجيبك، فاقترب مني وهات أذنك لأجيبك همساً يا صديقي، رغم أني أرى وجهك مبتسماً بسخرية، وهنا خفضت صوتي وقلت: من رقة قلب المسؤولين، هم لا يريدون لنا حتى أن نستخدم عقولنا ونفكر لنختار من يمثلنا.

هنا أشار صديقي إلي بيده أن جاء دوري لأهمس لك في أذنك، فاقتربت منه جداً، فقال بصوت خافت: يقول الفيلسوف الإيطالي "جوزيبي مازيني": المتفائل شخص متهور يطعم دجاجته فضة لتبيض له ذهباً، والمتشائم شخص قلق يهرب من هذه البيضة الذهبية ظناً منه أنها قنبلة"، أظن يا صديقي أن نصيبهم الفضة والذهب والدجاجة ببيضها، ونصيبنا نحن القنبلة.

back to top