بالعربي المشرمح: رحيل رحيّل غير!

نشر في 19-08-2017
آخر تحديث 19-08-2017 | 00:13
 محمد الرويحل قبل رحيله أرسل إليّ يبشرني بتحسن حالته ويطمئنني بأنه بخير، وكنت على موعد للسفر إليه، وفجأة وفي يوم الجمعة تنهال علي رسائل التعزية من إخوتي وأبناء عمومتي وأصدقائي الذين يعرفون علاقتي به، ويعرفون من هو رحيّل الثنيان "أبو تركي" الذي تجبر شهامته ورجولته ونبل أخلاقه الرجال على صداقته.

فقدت ناصر الحيان وتألمت، وفقدت علي الرويحل وحزنت، وفقدت مطلق القحيص وتأثرت، وهأنذا أفقد رجلاً قل أمثاله، ورغم قصر علاقتي به فإنه ملأ فراغات كثيرة كنت قد فقدتها.

ورغم إيماني بالقدر ويقيني بالموت مررت حين تلقيت الخبر بحالة أشبه بالكفر، والعياذ بالله، من ذهول الصدمة، فكيف يموت رحيّل فجأة دون أن يخبرني، وكيف يرحل هكذا دون حتى أن يودعني، وما إن صحوت من الصدمة حتى تيقنت أنه "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ".

رحل رحيّل في اليوم ذاته الذي رحل فيه العملاق عبدالحسين عبدالرضا، ورغم حبي لهذا الفنان وحزني لوفاته فإن وفاة "أبو تركي" طغت على كل مشاعري، حتى إنني عجزت أن أكتب لأعبر عن حزني له، بل أخرجتني صدمة رحيله من واقعي إلى عالم آخر عشته وحيداً، لأتأقلم مع وقع الخبر الذي لم يخطر ببالي أنه آتٍ لا محالة، ولكنني لم أتوقعه بهذه السرعة.

رحل رحيّل وهو في عز شبابه وعطائه، ورغم صغر سنه كان مدرسةً من الحكمة والعقل والخلق النبيل، وكان محباً ومخلصاً لوطنه، عملت معه في كتلة العمل الشعبي فِي بدايات الحراك، فكان موجهاً ومعلماً لكل من حوله ناصحاً لنا في كل أمر، صادقاً فيما يقول، لا يتصنع الحديث، ولا يعرف الرياء والمجاملة في عمله الوطني ومع أصدقائه ومحبيه، وأتذكر بعد إقالة حكومة ومجلس ٢٠٠٩ كان يقول لنا إن القادم أسوأ، وفعلاً سحبت الجناسي واعتقل المغردون وأغلقت بعض الصحف وغيرها مما لم يتوقعه أحد غيره.

رحل رحيّل ولم أسمع أو أعرف كائناً من كان، ومن كل طوائف المجتمع، أنه قد غضب منه، فلقد كانت علاقاته مع الجميع علاقات مميزة، لذلك لاحظت الحزن على كل من عرفه، لدرجة أن حزني على خبر وفاة الفنان القدير عبدالحسين وشهرته وحزن الشعب الكويتي والخليجي والعربي على وفاته لم يكونا عندي أشد وقعاً وتأثيراً من حزني على "أبو تركي" لما عرف عنه من خلق ورجولة ونبل.

يعني بالعربي المشرمح:

"آآخ يا يبا" هكذا كان شعور ابنة الراحل الفنان عبدالحسين عبدالرضا متأثرة بوفاة والدها، فتخيلوا حين ينطقها رجل فُجِع بخبر وفاة صديقه ورفيقه "فآخ وآخ وألف آخ" على رحيل "أبو تركي" الذي بكاه كل من عرفه، ووداعاً يا صديقي وداعاً يا رجلاً جمع كل الصفات النبيلة التي ندر أن تجتمع في شخص واحد، فرحيلك غير يا رحيّل، ووداعاً أبا عدنان يا من صنعت الفرح لعالم فقد الفرح والابتسامة، فاعذرني بتزامن رحيلك مع رحيل رحيّل الذي طغى رحيله على أبسط وأضخم أشيائي.

back to top