الأغلبية الصامتة: أيامك يا «بوعدنان»

نشر في 17-08-2017
آخر تحديث 17-08-2017 | 00:13
الفنان عبدالحسين عبدالرضا مبدع وجد في دولة كان الفن ضمن أسلحتها الناعمة الرئيسة، فأنتج هو ورفاقه المخلصون ما يعرف بترسانة الفن الكويتي التي أدخلت الكويت ومفرداتها وأسلوب حياتها في بيوت منطقة الخليج والوطن العربي.
 إبراهيم المليفي للإبداع والمبدعين خطوط إنتاج لها بدايات منطقية ونهايات حتمية، والدول التي تزخر بالمبدعين ليس بالضرورة أن تكون مثل الصين من ناحية الكثافة السكانية أو مثل روسيا من ناحية المساحة، المسألة رغم صعوبتها وهي صناعة المبدع تحتاج لشرط أساسي هو بيئة الإبداع حتى يكون تحقيق ذلك الهدف ممكنا.

يوم أمس احتضن تراب الكويت جسد شخصية من أهم الشخصيات الكويتية المعاصرة في عالم الفن وهو عبدالحسين عبدالرضا، لتطوى معه الصفحة الأخيرة من حياة ذلك المبدع الذي صنع لنفسه نموذجا متفردا في عالم الكوميديا استحق من خلاله هذا الالتفاف الاستثنائي رسميا وشعبيا لشخصية ليس لها منصب أو دور سياسي أو اجتماعي.

رحيل "بوعدنان" فجّر مجددا بركانا من الأسئلة: هل صنع نفسه؟ أم الدولة؟ هل خلق البيئة الحاضنة لإبداعه؟ أم هي موجودة بالأساس؟ هل ستشهد الكويت ولادة فنان جديد بمواصفات بجيل الرواد من الفنانين؟ لقد أجبت في مقال سابق ولا بأس من التكرار بالقول إن المبدع حالة خاصة لا يمكن لأي مختبر تصنيع جيناته، وأضيف المبدع هنا ليس فنانا أو كاتبا أو شاعرا أو رساما بل هو بستان فيه لاعب مثل جاسم يعقوب ومخترعين يفوزون بمسابقات دولية ولا يجدون غير التجاهل والجهل بما حققوه وما قد يحققونه للكويت في المستقبل.

المبدع يحتاج إلى بيئة تتفجر فيها إبداعاته، وأول ركن فيها هو الحرية قبل الفلوس، وتلعب عوامل مهمة مثل وجود قيادات ومشاريع طموحة ناهيك عن طبيعة المجتمع وانفتاحه وثرائه المعرفي والشعبي أدوارا مهمة في صنع المعجزات لدول صغيرة مثل الكويت التي أوجدت بقواها الناعمة مكانة أكبر بكثير من مساحتها، الفنان عبدالحسين عبدالرضا مبدع وجد في دولة كان الفن ضمن أسلحتها الناعمة الرئيسة، فأنتج هو ورفاقه المخلصون ما يعرف بترسانة الفن الكويتي التي أدخلت الكويت ومفرداتها وأسلوب حياتها في بيوت منطقة الخليج والوطن العربي، فأحبوها من مسلسل أو مسرحية أو أغنية.

السؤال الذي يؤرقني هو الأخير: هل ستشهد الكويت ولادة فنان جديد بمواصفات بجيل الرواد من الفنانين؟ أعتقد أننا نشهد تحولات كبيرة في شخصية الفنان والبيئة التي يعمل فيها وذوق الجمهور والنتيجة لا تبشر بالخير؛ لأننا لا نرى فنا بقدر ما نرى عملية تجارية بائسة تتم بمواصفات عربية متخلفة، وجمهور يبارك الحوارات الهابطة، وبالأخير الجميع يشتكي ويقول: وين أيامك يا "بوعدنان"؟ وين فنك يا سعد؟ "منو" مثل النفيسي؟ ما تلاقون مثل النمش... إلخ.

back to top