البديل لألاعيب دي ميستورا!

نشر في 14-08-2017
آخر تحديث 14-08-2017 | 00:18
 صالح القلاب عندما يشترط المبعوث الدولي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا توحيد موقف "المنصات الثلاث"، الهيئة التفاوضية العليا ومنصتي القاهرة وموسكو، إزاء آخر ثلاث أوراق تتعلق بمبادئ الحل السياسي المقترح، وآلية صوغ دستور جديد، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي لسورية، وعقد اجتماع محادثات جديد في جنيف بين الثاني والعشرين والسابع والعشرين من هذا الشهر، كأنه يطلب من هذه الأطراف المعنية أن تبقى تقفز فوق حبل مرتفع مشدود من الطرفين، وفي المكان ذاته بدون التقدم ولو بمقدار خطوة واحدة.

إنَّ هذا الـ"دي ميستورا"، الذي لم تعد تطيق رؤيته كل الأطراف المعنية بهذه الأزمة التي بقيت تراوح مكانها أكثر من ستة أعوام، يعرف أنَّ "منصتين" فقط من المنصات الثلاث هذه، التي اخترعها أو التي اختُرِعت له، تتفقان على حلِّ الحد الأدنى، فـ"منصة" موسكو تُعتبر أحد أجنحة المخابرات السورية، وتُتهم بأنها أكثر حرصاً على إعادة تدوير نظام بشار من هذا النظام نفسه، وترفض أي مكان عربي لمحادثات أطراف المعارضة، مما يعني أن دورها المكلفة به يقتصر على مواصلة التعطيل على غرار ما بقي يجري منذ عام 2011 حتى الآن.

ولذلك فعلى المعارضة، الهيئة العليا للمفاوضات ومجموعة القاهرة، أن تركز على نجاح اجتماع الرياض المقبل، لأنه لم يعد من المعقول والمقبول أن يكون هناك أكثر من 800 تنظيم معارض يفترض أنه معروف أن معظمها، والتي هي في أغلبيتها وهمية، من صناعة نظام بشار والروس والإيرانيين، وأن المقصود هو إظهار الثورة السورية على أنها مجموعة من الشراذم المسلحة التي أمضت كل هذه الفترة الطويلة وهي تقتتل فيما بينها، وتخوض معارك على السلب، على غرار ما يجري الآن في مناطق سورية كثيرة.

والمشكلة هنا بالنسبة إلى هذا الأمر تكمن في أن الحياة السياسية في سورية قد استكمل تدميرها بعد انقلاب حافظ الأسد في عام 1970، حيث إن عملية التدمير هذه كانت قد بدأت بانقلاب حسني الزعيم في عام 1949، وتواصلت بسلسلة الانقلابات العسكرية اللاحقة التي من بينها انقلاب مارس عام 1963 الذي اعتبر "ثورة" بعثية، والذي هو في حقيقة الأمر بداية نهاية حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان أهم الأحزاب العربية التي ظهرت في القرن العشرين، والذي كان بالإمكان أن يحقق إنجازات تاريخية لو لم يُبتلَ بالداء الانقلابي، الذي أنهاه نهائياً كحركة من المفترض أنها ديمقراطية، وأنها حققت نجاحاً واعداً في انتخابات 1954 التي جرت في الوصلة الثانية من حكم أديب الشيشكلي، الذي تم اغتياله برصاص شاب درزي في البرازيل.

إن المقصود هو أن الثورة السورية قد بدأت من الصفر، فالحياة السياسية في هذا البلد كان قد تم تدميرها منهجياً على مدى أكثر من ستين عاماً، مما يعني أن على المعارضة الحقيقية أن تتدارك الأمور في اجتماع الرياض المقبل، وأن تضع حساباتها اللاحقة على أساس أن هذا النظام لا يريد أي حلٍّ فعلي، وأنه بعد كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب السوري لا يجوز أن يبقى كل هذا التشرذم الذي تعيشه هذه المعارضة، ولا يجوز أن يبقى مستقبل هذا البلد يخضع للعبة أو كذبة دولية عنوانها أن الأولوية يجب أن تكون للقضاء على الإرهاب.

back to top