الجميع إلى حوض السباحة... تدابير السلامة تأتي أولاً

ما زلت أذكر أياماً وأسابيع كاملة أمضيتها في حوض سباحة مجمعنا السكني في فصول صيف كولورادو، عندما كنت في الصفَين الخامس والسادس. ضمّ هذا الحوض الصغير أيضاً قبة قابلة للنفخ بغية استخدامه شتاء، ما يبدو لي غريباً اليوم بما أن ذلك المجمّع لم يكن مخصصاً حتى للطبقة الوسطى.

في أحد فصول الصيف، سجلتني أمي، التي كانت تربينا بمفردها، في مخيم صيفي نهاري. وخصتني وحدي بهذه المتعة دون أخواتي الأكبر والأصغر مني سناً.

كل صباح، كانت حافلة ركاب بيضاء صغيرة تقلني مع أولاد آخرين من المنزل. كنا نمضي نصف النهار في حوض السباحة. أما بعد الظهر، فكنا نخصصه للعب البولينغ، أو مشاهدة فيلم، أو ممارسة أي نشاط آخر في مدينة دينفر. ومن أبرز الذكريات عن تلك الأشهر تعرضي للتأنيب لارتدائي قناعاً في منافسة شملت السباحة إلى قاع الطرف العميق من الحوض لاستعادة نقود معدنية يرميها المشرفون علينا. ما زلت أرى نفسي أنا ذلك الصبي البريء بشعره الطويل وأنا أرتدي قناع الغوص المليء بالنقود التي تكاد تغطي عيني. رحت أنظر إلى المشرفين الغاضبين باستغراب، متفاجئاً لأنهم لم يعتبروا حلِّي ذكياً.

أفترض أن المخيم شمل دروس سباحة، إلا أنني لا أذكر أنني تلقيت أحدها. لطالما شعرت براحة كبيرة في الماء. وكان بإمكاني حبس أنفاسي والسباحة تحت الماء بمهارة عالية.

ما زال بإمكاني ذلك، إلا أنني أرغم نفسي على مواصلة السباحة خلال الأمتار الأخيرة لأجتاز كامل حوض السباحة من دون الصعود إلى السطح. لكنني أتخيل كم سيخيب أملي إذا تعرضت لسكتة دماغية أو نوبة قلبية خلال محاولتي هذه.

الأطفال

عندما نفكّر في الغرق في حوض السباحة، يخطر على بالنا الأطفال والأولاد الصغار. يُعتبر الغرق أحد أسباب الوفاة الرئيسة في حالة الأولاد تحت سن الخامسة. لكنّ البالغين الذين يسبحون وحدهم يشكّلون أيضاً ثلث حالات الغرق، حسبما تشير الدراسات.

رغم ذلك، علينا أن نولي الأولاد أكبر اهتمام. فما أفضل طريقة والأكثر أماناً لتعليمهم السباحة؟ حصل ابننا البكر على دروس سباحة من خلال نظام المنتزهات والترفيه المحلي، وأبلى بلاء حسناً. إلا أنني استأت حقاً لأن المدرّسين لم يعلموه أولاً تقنيات النجاة الأساسية.

لم يبدُ لي منطقياً أن أمضي وقتي في تعليم ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات أن يبقي ساقيه مستقيمتين أثناء الركل، في حين أنه يجهل كيفية الوقوف في الماء أو السباحة بأسلوب تجذيف الكلب.

عندما بلغت ابنتي الثالثة من عمرها، انضمت إلى الدروس ذاتها كما ابني البكر. ولم تشعر بالخوف إلى أن بلغت الدرس الثالث أو الرابع.

كان المدرّس يصبّ اهتمامه على تلميذ آخر، عندما غرقت ابنتي فيما كانت تقترب من الدرجات التي طلب منها الانتظار عندها. رأيت عينيها تتسعان خوفاً تحت الماء فانتشلتها. لم يدرك المدرّب ما حصل.

كان هذا آخر درس لها لأنها طوّرت في الحال خوفاً من الماء ولأن المشرفين على البرنامج بدوا غير عابئين بما حدث عندما اشتكينا. أكّدت هذه الحادثة نظرتي إلى برامج الترفيه المنظمة هذه، فهي وسيلة لاختيار أبرز عناصر للانضمام إلى فرق السباحة وتمضية سنوات إضافية في تلقي الدروس. في المقابل، يجب أن تكون خطوات النجاة الأساسية أول وأهم ما يتعلمه مَن لا يجيدون السباحة.

تولت زوجتي بعد ذلك مهمة تعليم أولادنا السباحة. وخلال فصلَي الصيف التاليين أو الفصول الثلاثة التالية، لقّنت ابنتينا ما تعلمته من أشرطة Infant Swimming Resource (مورد سباحة الأطفال) على موقع يوتيوب. هدف Infant Swimming Resource، وفق الموقع الإلكتروني ocwaterbabies.com الذي يقدّم دروساً في السباحة معتمداً هذه التقنية، «تفادي الغرق وإغناء حياة الأولاد بتعليمهم إنقاذ أنفسهم باللجوء إلى أساليب النجاة أثناء السباحة ومهارات الطفو».

عندما نزلتُ إلى حوض السباحة أخيراً، رحت ألعب مع ابنتي البالغة من العمر 22 شهراً.

بفضل تقنيات Infant Swimming Resource التي علمتها إياها زوجتي، راحت تقلب على ظهرها، تلتقط أنفاسها فترة وجيزة، ثم تعاود السباحة على بطنها بأسلوب تجذيف الكلب إلى أن تبلغ حافة الحوض، فتتمسك بها. بدت لي جريئة وفرحة، مع أنني لم أغفل عنها ثانية.

يجب أن تكون هذه التقنية والتقنيات المشابهة، في رأيي، أول ما يتعلمه الولد عندما يُلحقه أهله بصفوف لتعلّم السباحة.

أمام الولد متسع من الوقت لتعلّم أساليب السباحة الأخرى الأكثر تعقيداً، بعدما نتيقن من أنه سينجو وسيحظى بالمتعة والمرح بأمان في حوض السباحة في فصل الصيف.