«شاهين... والجزائر» !

نشر في 14-08-2017
آخر تحديث 14-08-2017 | 00:00
 مجدي الطيب يوسف شاهين والسينما الجزائرية منطقة ثرية، ومجهولة، لم تكن محلّ اهتمام أو بحث من السينمائيين المصريين والجزائريين إلى اللحظة التي اختارها الصحافي الجزائري سليم عقار موضوعاً لفيلمه التسجيلي «شاهين.. السينما والجزائر» (52 دقيقة / الجزائر)، الذي اختير للمشاركة في مسابقة الأفلام الوثائقية للدورة العاشرة (25 – 31 يوليو 2017) من «مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي»، ونوهت إليه لجنة تحكيم المسابقة، برئاسة المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي، في بيانها الختامي!

سعى عقار، كما أكّد كتاب المهرجان، إلى تكريس الدور الحيوي الذي قامت به الجزائر يوم أن كانت «قبلة رواد الفن والسينما، وفتحت أبوابها للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين لتفكّ عنه الحصار الذي كان يتعرّض له في مصر بعد منعه من العمل، إذ لجأ إلى الجزائر للبحث عن تمويل لأفلامه، وفتحت له أبوابها، وساهمت في بسط طريقه نحو العالمية، من خلال إنتاج ثلاثة أفلام مهمة هي: «العصفور، وعودة الابن الضال، وإسكندرية ليه؟»، ما فتح له سوقاً في أوروبا. وهي حيثيات أوردها كتاب المهرجان، واستمدها من مخرج الفيلم بكل تأكيد، وربما تًصبح محل اتفاق أو اختلاف، لكنها تقودنا، في الأحوال كافة، إلى الهدف من الفيلم، الذي كان يُمكن أن يُصبح وثيقة سينمائية مهمة لو أن صاحبه اجتهد قليلاً في البحث عن وثائق تُثريه أو العثور على مصادر تُلقي المزيد من الضوء على التجربة «الشاهينية» مع الجزائر. فلم يكن كافياً على الإطلاق أن يستعير المخرج لقطات للمخرج يوسف شاهين، وهو يتحدث في مؤتمر بالعربية، والفرنسية، عن تجربته في فيلم «جميلة» (1958)، واعترافه بأنه كان يجهل الكثير عما يحدث في الجزائر، في تلك الحقبة التاريخية، ولم يكن من المنطقي الاكتفاء بأربعة ضيوف أو خمسة على أكثر تقدير!

لا أنكر أن التوفيق حالف المخرج سليم عقار في اختيار المخرجين الجزائريين أحمد راشدي وفاروق بلوفة، بالنظر إلى أن الأول كان «عرَاب» التجربة، نظراً إلى الصداقة التي كانت تربطه بشاهين عندما كان مسؤولاً، بين عامي 1967 و1973، عن قسم الإنتاج في «الديوان الوطني الجزائري للتجارة والصناعة السينماتوغرافية» (ONCIC) والثاني (بالوفة) شارك في كتابة رؤية {عودة الابن الضال} (1976) السينمائية، مع شاهين وصلاح جاهين، وعمل مساعد مخرج في الفيلم نفسه. إلا أن التوفيق خان عقار في الإشارة إلى أن علي أبو شادي ناقد ورئيس سابق للرقابة، فلا حاجة إلى التنويه إليه كرقيب سابق، بعدما تحدث كناقد سينمائي عن فيلم {جميلة}، وعن النجمة {ماجدة} التي ضحت بشعرها من أجل الشخصية!

يؤخذ على الفيلم، فضلاً عن قلة مصادره، وفقر وثائقه، غلبة اللغة الفرنسية على حوارات ضيوفه، وكأنه فيلم فرنسي الإنتاج في حاجة إلى شريط ترجمة ليصل إلى الجمهور العربي، فضلاً عن بنائه التقليدي الرتيب، إذ يبدأ بتجربة التعاون المشترك في {العصفور} (1973) وحالما ينتهي منها، من دون أن يوفيها حقها، ينتقل إلى تجربة {عودة الابن الضال} (1976) إلى أن يختتم بتجربة {إسكندرية ليه؟} (1979)، التي يجهل كثيرون أن الجانب الجزائري كان شريكاً في إنتاجه، قبل أن ينسحب بسبب زيارة السادات للقدس. وفي التجارب الثلاث يتكرر الحديث مع الضيوف أنفسهم، رغم اختلاف ظروف كل تجربة، وحاجة كل واحدة منها إلى مصادر مختلفة عاشتها أو اقتربت منها بشكل ما!

بالطبع اشتمل {شاهين.. السينما والجزائر} على بعض الأسرار الخاصة بمنع فيلم {العصفور} في مصر، نتيجة لما قيل عن استياء الحكومة من الحديث عن هزيمة يونيو، ونفى راشدي تدخل عبد الناصر لإيقاف الفيلم، والمعلومة التي كشفها {الأمير أباظة}، اعتماداً على وثائق سعد الدين وهبة، بأن وزير الثقافة يوسف السباعي أمر بحجب الإعلان عن فوز {العصفور} بجائزة في العام 1972، لكن عقار عرج من دون مناسبة، وعلى طريقة الصحافة الصفراء، إلى إثارة النعرة الوطنية، وتأجيج الفتنة، بالمقارنة المفتعلة بين شاهين والأخضر حامينا، وسعى كلٌ منهما إلى إثبات أنه {الأفضل}، والإيحاء، بالغمز واللمز، أن {حامينا} فاز بالسعفة الذهبية عن فيلم {وقائع سنوات الجمر} فيما ذهبت إلى شاهين عن مجمل أعماله، وهي الفتنة التي وأدها أبو شادي بالقول إن المنافسة بينهما كانت إيجابية، وإن الجائزة مختلفة في الحالين، وإن السعي إلى الفوز بالجوائز الدولية مكفول للجميع!

back to top