الموت الأزرق

نشر في 22-07-2017
آخر تحديث 22-07-2017 | 00:08
 فواز يعقوب الكندري كانت الحيتان من حولنا، تهدد أمننا، وتحرق مشاريعنا، وتبتلع ثرواتنا، وتهاجم تطورنا وتقدمنا، حتى وصلنا اليوم إلى أنها تدخل بيوتنا عبر هواتفنا، على هيئة لعبة بريئة، فتقتل أطفالنا.

عشاق الموت يزداد عددهم يوماً بعد يوم... لا أعلم سرّ حبهم للقبر وبغضهم للأرض والبحر والنهر... فبمجرد أن تجلس مع ذاتك، تفكر في شخصية ذلك الرجل الذي قضى أيامه يفكر في ابتكار لعبة يركنها في الهاتف، فينجذب نحوها الأطفال دون إدراك أن الفوز في النهاية يقابله خسارة في العمر، وفناء مبكر، وألمٌ يعيش في صدور الأهالي كلما شاهدوا هاتفاً ذكياً، أو صورة مركونة في زاوية الغرفة لذلك البريء الذي رحل عن الدنيا بسبب لعبة اخترعها مريض نفسي يريد أن يعيش في هذه الأرض وحده.

سأخبركم بما رأيت، ولستم مجبرين أن تصدقوا قولي... قمت البارحة بفتح كتاب الأطلس على خريطة العالم، وفي لحظة تأمل فوجئت بأن هناك اجتماعاً مغلقاً للحيتان في المحيط الهندي، فاتكأت في أستراليا أسترق بإذني ما يقولون، وجدتهم خائفين متوترين من وعي الأسماك الصغيرة بحقوقها والذي يتنامى بسرعة كبيرة، وقرروا أن يغيروا نهجهم، فبعد أن كانوا يجرّعون الأسماك الصغيرة عقاقير الهموم فينشغلون بها عن حقوقهم، قرروا أن يبتلعوا أي سمكة تفكر في أن تطالب بحقها في هذا المحيط. فإما أن تعيش مرددة: "الحمدلله ماكلين، شاربين، نايمين"، وتنتظر صياداً ماهراً يصطادها بصنارته، وإما أن يبتلعها الحيتان.

وفي نظرة ثانية على الجانب الآخر من العالم في الخريطة، وجدت أن أمواج المحيط الأطلسي لم تكن هادئة، فاستقللت أقرب طائرة متجهة إلى البرازيل، وكنت ضيفاً في بيت صديقي رونالدينهو، وظللت أسترق السمع لاجتماع الحيتان هناك، وجدت ضحكات، وحقائب أموال وبراميل بترول... حزنت جداً وهممت بالرحيل، وإذ بأحد الحيتان مخموراً يقول لصديقه: إذا أردت أن تبقى، فعليك أن تجعل من حولك أسماكاً صغيرة تحبك فتحميك، فمن دونها تبقى صيداً سهلاً... كارثة أن تكون البيرة أذكى من ماء زمزم.

back to top