حبر و ورق ...

نشر في 22-07-2017
آخر تحديث 22-07-2017 | 00:02
No Image Caption
شيفرة دافنشي

استيقظ روبرت لانغدون ببطء.

تناهى إليه رنين هاتف في الظلام، رنين ضعيف وغير مألوف. فمدّ يده يبحث عن المصباح الموضوع بجانب السرير وأضاءه. بعينين نصف مغمضتين، نظر حوله ليجد نفسه في غرفة فاخرة مفروشة بأثاث على طراز القرن الثامن عشر، جدرانها مزيّنة برسوم جصّية يدوية، مع سرير كبير ذي أربعة أعمدة من خشب الماهوغاني.

أين أنا؟

كان ثوب الحمّام الجاكارد المعلّق على عمود السرير يحمل شعار فندق ريتز باريس.

بدأت الغمامة تنجلي ببطء. جلس وحدّق متعباً إلى المرآة الطويلة المعلّقة في الجهة المقابلة من الغرفة. كان الرجل الذي يبادله النظر غريباً، بشعره الأشعث ووجهه المنهك، في حين أنّ عينيه الزرقاوين الحادّتين عادة كانتا في تلك اللحظة تائهتين ومتعبتين. اختفى فكّه القويّ تحت لحية قصيرة سوداء بدأ يغزوها الشيب عند الصدغين، ويتوغّل عميقاً في شعره الأسود الخشن والكثيف.

تناول سمّاعة الهاتف وقال: «ألو؟».

ردّ عليه صوت ذكوري: «سيّد لانغدون؟ أرجو ألّا أكون قد أيقظتك».

نظر لانغدون مربكاً إلى الساعة الموضوعة بجانب السرير. كانت تشير إلى 12:32 ليلاً. لم يمضِ على نومه سوى ساعة واحدة، لكنّه شعر كأنّه يستيقظ من سبات طويل.

«أنا عامل الاستقبال يا سيّدي. أعتذر على تطفّلي، لكن لديك زائر، وهو يصرّ على أنّ الأمر عاجل».

كان لانغدون لا يزال مشوّش الذهن. زائر؟ تركّز نظره على منشور مغضّن ملقى على الطاولة المحاذية للسرير.

الجامعة الأميركية في باريس

تتشرّف بتقديم

أمسية مع روبرت لانغدون

أستاذ علم الرموز الدينية في جامعة هارفرد، الولايات المتّحدة الأميركية.

تأوّه لانغدون. كانت كتبه عن اللوحات والرموز الدينية قد جعلت منه شخصية شهيرة في عالم الفنّ، خلافاً لرغبته. ولا شكّ أنّ محاضرة الليلة، التي قدّم فيها عرض شرائح عن الرمزية الوثنية المخفية في أحجار كاتدرائية شارتر، قد أثارت حفيظة بعض الحضور المحافظين. وعلى الأرجح، لحق به أحد الطلّاب المتديّنين ليتشاجر معه.

قال لانغدون: «أنا آسف، لكنّني متعب جدّاً و-».

همس عامل الاستقبال بإلحاح، مطعّماً حديثه بكلمات فرنسية: «لكن سيّدي، ضيفك رجل مهمّ. حتّى إنّه في طريقه إلى غرفتك».

استفاق لانغدون تماماً الآن: «أرسلتَ شخصاً إلى غرفتي؟».

«أنا آسف سيّدي، لكنّ رجلاً كهذا... لا أجرؤ على استخدام سلطتي لمنعه».

«ومن يكون تحديداً؟».

غير أنّ عامل الاستقبال أغلق الخطّ.

على الفور تقريباً، سمع طرقة قوية على بابه.

قام لانغدون من سريره بتردّد، ثمّ وقف وشعر بأصابع قدميه تغرق في السجّادة. ارتدى ثوب الحمّام الخاصّ بالفندق وذهب إلى الباب: «من الطارق؟».

«سيّد لانغدون؟ أودّ التحدّث إليك». كان الرجل يتكلّم الإنكليزية بلكنة واضحة، وبدا صوته حازماً وحادّاً. «أنا الملازم جيروم كوليه، من الإدارة المركزية للشرطة القضائية».

صمت لانغدون. الشرطة القضائية؟ كانت الإدارة المركزية للشرطة القضائية تُعتبر المرادف الفرنسي لمكتب التحقيقات الفدرالية في الولايات المتّحدة. لكن بماذا يريدونه؟

ترك سلسلة الأمان في مكانها وفتح الباب بضعة إنشات. كان الوجه الذي يحدّق إليه نحيلاً ومرهقاً، يعود لرجل هزيل بالزيّ الرسمي الأزرق.

سأله الملازم: «أيمكنني الدخول؟».

تردّد لانغدون في السماح له. «ما الأمر؟».

«يحتاج النقيب إلى خبرتك في مسألة سرّية».

قال لانغدون: «الآن؟ لقد تجاوزت الساعة منتصف الليل».

«هل صحيح أنّك كنت على موعد هذا المساء مع أمين متحف اللوفر؟».

أحسّ لانغدون باضطراب مفاجئ. كان قد اتّفق مع أمين المتحف الموقّر جاك سونيير على لقائه لاحتساء الشراب بعد انتهاء المحاضرة، لكنّ سونيير لم يأت. «أجل، لكن كيف عرفت ذلك؟».

«وجدنا اسمك مسجّلاً في مفكّرته».

«أتمنّى أن يكون على ما يرام».

تنهّد الملازم بحزن ومرّر إليه صورة فورية عبر فتحة الباب الضيّقة. عندما نظر لانغدون إلى الصورة، تصلّب جسده.

«التُقطت هذه الصورة منذ أقلّ من ساعة، في متحف اللوفر».

بينما كان لانغدون يحدّق إلى الصورة الغريبة، تحوّل ردّ فعله الأوّلي من النفور والصدمة إلى الغضب العارم.

«كنّا نأمل الحصول منك على بعض المعلومات، نظراً إلى خبرتك في علم الرموز ونيّتك لقاء سونيير».

اقترنت صدمة لانغدون الآن بالخوف. بدأ يقول: «هذا الرمز هنا، والوضعية الغريبة لـ...».

أكمل الشرطي: «للجثّة؟».

هزّ لانغدون رأسه، واعترت جسده قشعريرة وهو ينظر إلى الشرطي: «لا أستطيع أن أتخيّل من يمكنه الإقدام على عمل كهذا».

بدا التجهّم على الشرطي: «أنت لم تفهم سيّد لانغدون. إنّ ما تراه في هذه الصورة...» صمت قليلاً، ثمّ تابع: «فعله السيّد سونيير بنفسه».

على بعد ميل واحد، عبَر سيلاس الأبرص بجسده الضخم مدخل المنزل الفخم في شارع لابرويير وهو يعرج. فقد أحاط فخذه بسلسلة شائكة يضعها كلّ أتباع الطريق. كانت عبارة عن حزام جلدي ثُبّتت فيه أشواك معدنية حادّة تسبّب الألم كتذكير دائم بعذاب المسيح على الصليب. مع ذلك، كانت روحه ترقص طرباً من شدّة الرضا بخدمة الربّ.

مرّ سيلاس في الردهة، وصعد السلّم بهدوء كي لا يوقظ أحداً. كان باب غرفة نومه مفتوحاً، فالأقفال ممنوعة هنا. دخل، وأغلق الباب وراءه.

كانت غرفة نومه إسبارطية الطراز، أرضيّتها من الخشب الصلب، تحتوي على منضدة كبيرة مصنوعة من خشب الصنوبر، وحصيرة من القنّب في الزاوية يستخدمها كسرير. كان زائراً هنا في باريس هذا الأسبوع، غير أنّه ينعم بمحراب كهذا في مدينة نيويورك منذ سنوات عدة.

لقد وهبني الربّ المأوى وهدفاً في الحياة.

أخيراً، أحسّ سيلاس هذه الليلة أنّه بدأ بسداد دينه. أسرع إلى المنضدة وأخرج هاتفه الخلوي المخبّأ في الدرج السفلي، ثمّ أجرى اتّصالاً.

ردّ عليه صوت ذكوري: «نعم؟».

«لقد عدت أيّها المعلّم».

أمره المتكلّم، الذي بدا مسروراً لسماع صوته: «تكلّم».

«مات الأربعة. المساعدون الثلاثة... والمعلّم الأكبر نفسه».

حلّ صمت قصير، كما لو كان للصلاة. «إذاً، أصبحت المعلومات بحوزتك».

«لقد تطابقت الاعترافات التي أدلى بها الأربعة، كلّ على حدة». صمت سيلاس، مدركاً أنّ المعلومات التي انتزعها من ضحاياه ستشكّل صدمة له. «أيّها المعلّم، أكّد الأربعة جميعهم وجود مفتاح العقد... مفتاح العقد الأسطوري».

سمع معلّمه على الهاتف يأخذ نفساً عميقاً، واستطاع الشعور بحماسته. «مفتاح العقد...».

وفقاً للتقاليد، قامت الأخوية بوضع خارطة من الحجر - مفتاح عقد - هي عبارة عن لوح منقوش يكشف المثوى الأخير لأعظم أسرار الأخوية: سرّ شديد الخطورة بحيث أنّ حمايته كانت سبب تأسيس الأخوية.

همس المعلّم: «عندما نضع يدنا على مفتاح العقد، سنصبح على بعد خطوة واحدة فقط».

«نحن أقرب ممّا تظنّ، فمفتاح العقد هنا في باريس».

«في باريس؟ لا أصدّق. يكاد الأمر يكون في غاية السهولة».

روى له سيلاس أحداث المساء... وكيف أنّ ضحاياه الأربعة أخبروه قبل لحظات من موتهم الشيء نفسه بالضبط، أي أنّ مفتاح العقد مخبّأ بمهارة في موقع محدّد داخل إحدى كنائس باريس القديمة، كنيسة سان سولبيس.

صاح المعلّم متعجّباً: «داخل منزل للربّ! إنّهم يستهزئون بنا!».

«مثلما فعلوا لقرون عدة».

صمت المعلّم، كما لو كان يستمتع بنشوة الانتصار. ثمّ قال أخيراً: «لقد أسديتَ خدمة عظيمة للربّ. والآن يا سيلاس، يجب عليك أن تعثر على هذا الحجر من أجلي. حالاً، هذه الليلة».

وشرح له المعلّم ما عليه أن يفعل.

عندما أغلق سيلاس الخطّ، سرت في جسده قشعريرة من شدّة الترقّب. قال في نفسه، ساعة واحدة، وشعر بالامتنان لأنّ المعلّم منحه الوقت كي يقوم بالتكفير عن خطاياه قبل دخول بيت للربّ. يجب أن أطهّر روحي من خطايا هذا اليوم.

ثمّ همس، الألم جيّد.

اريامهر نامه

تداولت المحطات الإخبارية خبر انتحار «علي رضا بهلوي». أنهى الرجل حياته في شقته في مدينة (بوسطن) بسبب الإحباط الشديد الذي كان يتعالج منه فترة طويلة. أحسست بواجب من نوع خاص لأتابع تفاصيل الحدث. فلا يمكنني أن أغفل عن حدث كهذا وأنا أنوي الكتابة عن أبيه الشاهنشاه البهلوي الراحل. أعرف البهلويين معرفة تامة من سيرهم وكتب مذكراتهم، في الوقت الذي نسيتهـم عامة الناس منذ سنين. قبل الشروع في الكتابة، فكرت في التقاء أحد البهلويين المهمين الذين عاصروا الشاه محمد رضا، لكن الفكرة ألغيت قبل أن تنضج، وها هم البهلويون الآن يتناقصون.

في البداية، شعرت بأن متابعة حدث الانتحار سيقودني إلى شيء ما. ينتمي الأمير الراحل إلى الجيل الملكي الثالث للعائلة البهلوية، وهو منفيٌ منذ طفولته، ومع ذلك، أثار انتحاره المحطات الإخبارية في العالم. هل يعرفون شيئاً أجهله؟ صدقت أن للانتحار خيطاً من الخيوط التي أبحث عنها، فرحت أتحرى الخبر على صفحات الإنترنت بفضول حثيث. كانت الملكة فرح بهلوي، والدة الفقيد. وعميدة الأسرة البهلوية، وملكة إيران السابقة، مركز خبر الانتحار وسيدة الحدث. ظهرت الملكة فرح أمام الكاميرات والفلاشات بتصريحات مقتضبة، وكأنها تريد من الصحافة أن تتركها لشأنها، وبدت حزينة منكوبة. لا بدّ من أنها مهمومة لإعداد حفلة تأبين تليق بابن ملك. قبل عشرة أعوام، انتحرت «ليلى بهلوي» أصغر أولاد الشاه محمد رضا والملكة فرح. حدث ذلك في باريس، في ملابسات تشبه انتحار «علي رضا بهلوي» عدا أن «ليلى» استعملت أدوية مخدرة بشكل غير قانوني، بينما أطلق «علي رضا» النار على نفسه.

أشعر بتعاطف مع المنتحرين، وأكاد أدافع عنهم. لكل إنسان أسراره الحزينة التي لا يعرفها العالم. أحياناً، قد تخنق الحياة الإنسان في تعاسة وإحباط لا مخرج لهما، فيقوم التعيس بقطع أوراق حياته، الورقة تلو الأخرى، من دون أن يشعر به أحد. وقد يصل به اليأس إلى حد نزع ورقته الأخيرة، لينهي ألمه وقصته، في الوقت نفسه. أليس الانتحار كتماً لسر أليم؟ أم هو النقيض وإعلان فاضح عن رفضٍ ما؟ ربما علينا قبول الانتحار جزءاً من تعقيدات الحالة الإنسانية، ولا ينبغي أن نبالغ في النقد. لأن الحياة تحاصر الإنسان أحياناً حتى يبدو له أن الموت هو الربّ الوحيد الذي يلبي توسله.

ستدفن الملكة فرح الولد الثاني من أولادها الأربعة. أرثي لحال تلك الأم التي ترى أبناءها ينتحرون واحداً تلو الآخر. يكبرُ الإنسان ليتقبّل في نهاية حياته أن يقبر والديه، لكن من أين له الشجاعة أن يفعل الشيء نفسه لفلذة كبده. وأظنُّ أن من يودع ولده القبر، يدفن في التراب جزءاً من نفسه.

على شاشة التلفاز، ظهرت الملكة فرح متوشّحة بالأسود، وتحدّثت بصوت اخشوشن وزاد على بحتها الدائمة. ترك فقد الأحبة بحة دائمة في صوتها كما لو كان يجبرها على نطق الحزن كل يوم. لقد عششت الكآبة في زوايا وجهها الآري الجميل، وتركت خطوطاً وندوباً، وانطفأ بريق عينيها الأخّاذ، واختفت الابتسامة المشرقة التي اشتهرت بها.

قادني الفضول إلى الصفحة الشخصية للملكة فرح على الإنترنت وقضيت ساعات طويلة أتجوّل بين الصور والمقالات، وأتحسس آلامها بذهول. الصفحة مزدحمة مثل حياة صاحبتها، وتنتظم فيها عناوين المقالات، وصور لأهم اللحظات في حياة الملكة؛ يوم زواجها، ويوم تتويجها، ويوم ترملها، أجملها تلك التي تؤرّخ يوم توّجت ملكة إيران عام 1967م. لا يفوت الزائر أن يلاحظ أن الصور العائلية غير الرسمية، تزيد على الصور الرسمية، التي توثّق حياة أسرية مثالية وسعيدة. تظهر الصور كذلك من غيّبهم الموت، وهم ليسوا قليلين في تلك العائلة الصغيرة. تحوي الصفحة وصلات لمقابلات تلفزيونية بثت. وأخرى نشرت في أشهر المجلات. تحاول سكرتيرة الصفحة لملمة المواضيع، وترتيبها حسب الأهمية، وتنوّه في وسط الصفحة بأن أي حساب آخر غير تلك الصفحة الرسمية لا يمثّل شخص فخامة الملكة أو آراءها.

في الصفحة الرئيسة، شكرت الملكة جميع المعزّين. واستخدمت اللون الأسود إطاراً عريضاً لصورة الراحل. في أعلى الصفحة، يعلو علم إيران الشاهنشاهي مرفرفاً، مزيّناً بالدرع البهلوي، وإلى جانبه شعار: العلم الفارسي، أنت فخرنا وسينتصر النور. تحت العلم، ترحب الملكة فرح بالزوّار بصورة لها، بعدما أخفى مرشح عدسة الكاميرا ما أخفى من آثار زمان قسا على جمالها الطبيعي. لفتني أن الصورة مذيلة بلقب «شاهبانو» فرح بهلوي.

واللقب يعني لغوياً «قرينة الملك» أو الملكة. لكنه في الدولة البهلوية يرّقيها إلى مقام «الإمبراطورة». وهي أول امرأة إيرانية تحصل على هذا اللقب، وتتوّج فعلياً به، منذ سقوط الدولة الساسانية في القرن السابع الميلادي. عالمياً، لم يشتهر اللقب «شاهبانو» مثلما اشتهر اللقب «شاهنشاه» مع ذلك، أعجبت باللقب، ربما لأني معجب بالثقافة الإيرانية بكل دقائقها، وقررت استخدامه بدل لقب «الملكة».

بهرتني «الشاهبانو» في مقابلاتها مع الصحافيين بإتقانها اللغتين الفرنسية والإنكليزية، ومع ذلك كانت جميع محتويات الصفحة مترجمة إلى اللغة الفارسية. فالصفحة لا يبدو أنها خلقت للدعاية والتجميل أمام المجتمع الغربي، بل لممارسة دور السيدة الأولى لإيران من المنفى، في الفضاء الإلكتروني. وبالرغم من أن «الشاهبانو» تستعرض في الافتتاحية الرئيسة أهم إنجازات الدولة البهلوية وكأنها خبيرة في علم الجغرافيا السياسية وتدافع عن إخفاقات الدولة بحنكة سياسية عالية، إلا أن غالبية المقابلات وأسئلة الصحافيين لها تدور حول الحالة الإنسانية والعاطفية للشاهبانو الأرملة، وعميدة العائلة البهلوية المخلوعة، ولا تتطرق إلى سياسة الدولة البهلوية إلا بفضول خجول. وكأن أسئلة المقابلات قد كتبت لاستدرار الشفقة على «الشاهبانو»، في أحسن الأحوال، أو كمادة للتسلية في المجلات النسائية التي تدّعي مناصرة المرأة، في أتعس الأحوال. ترتفع «الشاهبانو» بإجاباتها عن الأسئلة التافهة للمحاورين البسطاء، وتفصح عن قلب كبير وشخصية راقية. ويبقى الإشكال السياسي بعيداً عن كل المقابلات، ولا يتطرّق إليه الصحافيون إلا لفهم أزمة اختطاف الرهائن الأميركية التي تلت الثورة الإسلامية. ربما تعاقب الزمان أكثر من ثلاثة عقود أثبت عدم جدوى النقاش! ولكن هذا لا يعفي الصحافة الغربية من انتقائيتها السخيفة، التي لا يشذّ عنها حتى أعتى صحافييها.

ما يهمّنا من ماضينا ليس ذلك الكم الهائل من الأحداث. ما يشغل بالنا حقيقةً هي تلك القصص العالقة في أذهاننا. وذاكرتنا ماكرة، لأنها تنتقي، وتبالغ، وتختصر، وتعظّم أحداث الماضي، لتصنع منها في النهاية حقيقة مختلفة. فالذاكرة ليست ماضينا كما حدث فعلاً، بل كما شعرنا به، أو كما تريده أرواحنا.

back to top