«أصيلة»... والظاهرة الإرهابية!

نشر في 21-07-2017
آخر تحديث 21-07-2017 | 00:20
 صالح القلاب في موسم أصيلة الثقافي التاسع والثلاثين، الذي عقَد دورته الثانية والثلاثين في هذه المدينة المغربية الجميلة، تمت مناقشة مسألة في منتهى الخطورة هي: "المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول"، في ندوة شارك فيها عدد من المختصين، عرباً وغير عربٍ. لم يتفقوا على رأيٍ واحدٍ، ولكنهم أجمعوا على أنَّ "التهميش" الذي تعرض له أبناء المهاجرين من المستعمرات القديمة في بعض مجتمعاتهم الغربية الأوروبية، وفي مقدمتها المجتمع الفرنسي، هو الذي دفعهم إلى الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها "داعش"، إذ ثبت أنَّ نحو ألفٍ وسبعمئة من هؤلاء يحملون الجنسية الفرنسية، معظمهم من أصولٍ "مغاربية"، أي من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا.

لقد قيلت آراء متعددة في هذه الندوة الحيوية، التي أشرف عليها رئيس مؤسسة منتدى أصيلة وزير الخارجية وزير الثقافة المغربي الأسبق محمد بن عيسى، من المفترض أن تصل إلى المسؤولين وذوي الشأن في هذه الدول الآنفة الذكر، لأن علاج هذا الأمر الخطير لا يمكن أن يقتصر على مجرد الملاحقات الأمنية والإعدامات، ولا على السجون والمعتقلات، بل بالأساس على المعالجات النفسية، وعلى توفير البيئات المناسبة لهؤلاء، وأولها مساواتهم بأبناء المواطنين الأصلاء، وتخليصهم من الشعور بالإحباط واليأس والحقد، لا على الدول التي أصبحوا من مواطنيها فقط، ولكن على الغرب كله بكل ما فيه، وعلى مجتمعاتٍ لم تستطع استيعابهم ولم توفر لهم ما توفره لأبناء "المستعمرين" الذين استعمرت دولَهم أوطان هؤلاء الأصليين.

ولعل ما يجب أن يُؤْخذ بعين الاعتبار أن القضاء على "داعش"، الذي ثبت أن بروزه على هذا النحو في الصراع المحتدم في سورية منذ عام 2011 كان بالتعاون مع نظام بشار الأسد وإيران، وبتواطؤ من روسيا، لن يكون بالمزيد من الانتصارات العسكرية كانتصار الموصل الأخير، فالأخطر أن هذا التنظيم قد تحول إلى "فكرة"، وإلى معتقدات سياسية تستند، وهذا هو الأخطر والأصعب، إلى "تشوهات" في فهم الدين الإسلامي الذي حرَّم قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وهنا تكمن المشكلة، إذ إنَّ بعضهم أعطوا لأنفسهم الحق بتفسير هذا "الحق" إلى الذهاب بعيداً والسماح للمتطرفين الجهلة بفعل هذا الذي يفعلونه في العديد من الدول الغربية، وفي معظم الدول الإسلامية.

وهكذا فإن التمادي في هذا الفهم، لا بل في هذه المفاهيم الخاطئة للدين الإسلامي، قد دفع العديد من التنظيمات التي توصف بأنها الأكثر تطرفاً إلى الاتّكاء على ما كان قاله أبو الأعلى المودودي وسيِّد قطب وغيرهما، لا إلى "الهجرة" فقط، بل إلى تكفير العديد من مجتمعات الدول الإسلامية، وهذا ما فعلته بعض أجنحة "القاعدة"، وما تفعله بعض أجنحة "داعش"، وما يفعله الذين يحتضنون ظاهرة ما يسمى "الذئاب المنفردة" التي غدت مستشرية ومتغلغلة في العديد من المجتمعات الإسلامية، في الكثير من الدول الغربية والأوروبية.

وهنا، فقد تمت الإشارة في ندوات "أصيلة" بهذا الخصوص إلى أن ما يثير العديد من التساؤلات بهذا الخصوص، هو أنَّ كل هذه التنظيمات العُنْفية والمتطرفة والإرهابية، التي بدأت بـ "نظام" الإخوان المسلمين، الذي ارتكب العديد من جرائم الاغتيالات وبخاصة في مصر، والتي انتهت بـ"القاعدة" و"داعش" و"النُّصرة" لم تستهدف المحتلين الإسرائيليين لفلسطين بعملية واحدة، وحقيقة أنَّ هذا يثير العديد من الأسئلة والتساؤلات ويعزز الشكوك المُحقة حتى بـ "الإخوان المسلمين" الذين لم يلتحقوا بفصائل المقاومة الفلسطينية من خلال "حماس"، التي وضعت نصب عينيها تدمير منظمة التحرير والقضاء على "فتح" وإفشال السلطة الوطنية، إلا بعد اثنين وعشرين عاماً من انطلاق ظاهرة الكفاح الفلسطيني المسلح، الذي كان انطلق في عام 1965.

back to top